فنظرية الإقحام أنت قلت بها أيها الأستاذ الجليل لا نحن، وكلمتنا بدئت بقولنا (إذا كان لابد من احتمال) أما كلمتك فبدئت: (إن المراد بالنبوة في حديث أبي علي. . العلوية ص ٤٩ من كتابك القيم) وأياً كان صاحب اكتشاف الإقحام ومؤول النبوة بالعلوية فهو ونظريته خليقان بما تفضل به الأستاذ من استنكار واستبشاع.
لقد رماني الأستاذ بدائه: عدم التدبر والتحريف، وأراد أن يتناول فكرة لي كيفما اتفق له لينقدها، فوقعت يده على فكرته هو منقولة في كلامي! وقاتلك الله العجلة، فقديماً ذكروا أن تاجراً أضمر أخذ عدل من أعدال شريكه فوضع رداءه عليه ليعرفه في الظلمة؛ ثم ذهب وجاء رفيقه ليصلح أعداله فوجد رداء رفيقه على عدله وظن أنه نسيه فرفعه ووضعه على عدل شريكه. ولما كان الليل أتى الشريك بحمال واطأه ففتح الحانوت واحتمل العدل الذي عليه الرداء وأخرجه هو والرجل، وجعلا يتراوحان على حمله حتى أتى منزله ورمى نفسه تعباً، فلما أصبح افتقده فإذا هو بعض أعداله!!
فعلى القارئ المتتبع أن يرجع حيثما وجد نقلاً لكلامي إلى الأصل المنقول عنه فلست أفرغ دائماً لبيان ما حرف ولا أحتمل إلا تبعة ما قلت على ما قلته بحروفه، غير مروي بكلام من غيري. ومن أول كلامي بجمل من عنده ثم شرع في ردها فإنما رده على تأويله فحسب
كان رغب إلينا الأخ شاكر ألا نتبع ظننا في أنه من أهل الغرور والذهاب بالنفس والجهل بمقدارها، والمكابرة في العلم والجدال فيما لا جدوى منه ولا منفعة. وقبل كلمته هذه كان ادعى لنفسه تدبراً وإمعاناً وأصولاً ودراية، ثم في الأخير حلماً عند المقاتل البادية حين لمزنا بالحاجة إلى هذه الصفات، وكلام كلينا معروض لمن أراد تثبتاً، وسبحان الذي قال:(كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
فهل أجد حرجاً في أن أقول ثانية (صحف الرسالة أحوج إلى أن تملأ بالحقائق والبرهان منها إلى الدعوى والانتقاص) وإن القراء (لا يخفى عليهم وجه الحق في كلام اثنين، ولا يصرفهم عنه نيل من صاحبه ومراوغة في الحط منه)، وحرام أن أقتل الوقت في تتبع المزالق التي زل فيها صاحبنا في مقاليه هذين، فما هي بنافعتنا فيما ظهر لتباين أسلوبينا في البحث و (اختلاف في الجبلة) على ما قال الأخ شاكر.
وما أنا بعائد إليه لأن الحقيقة لم تفد شيئاً بخوض هذا البحث معه، ولن أجاري أخي في