حتى أصبح نادرة عصره في المحاضرات والمحاورات واستحضار المناسبات.
ولدماثه أخلاقه، ولطف سجاياه، وكرم شمائله، وخفة روحه صحبه كثير من أرباب المظاهر والرؤساء والكتاب والأمراء وكبار التجار
يقول لنا الجبرتي إن شاعرنا السيد الشريف أبا الحسن إسماعيل ابن سعد بن إسماعيل الوهبي الحسيني الشافعي كانت له قوة استحضار في إبداء المناسبات حسبما تقتضيه حال المجلس، فكان يجالس ويشاكل كل جليس بما يدخل عليه السرور ويأسر لبه بلطف سمره ومنادمته الجذابة الخلابة
ولما دخل الفرنسيون مصر عين المترجم له محررا لتاريخ حوادث الديوان وقرر له الجنرال جاك منو في كل شهر سبعة آلاف نصف فضة.
علق المترجم به شابا من رؤساء كتاب الفرنسيين وكان جميل الصورة لطيف الطبع عالما ببعض العلوم العربية ويحفظ كثيرا من الشعر، فلتلك المجانسة في الميول، مال كل منهما إلى الآخر حتى كان لا يقدر أحدهما على مفارقة صاحبه، فكان المترجم له تارة يذهب إلى داره وطورا يزوره هو ويقع بينهما من لطيف المحاورةما يتعجب منه، وهو الذي نفح الشاعر بهذه النفحات العظيمة والغزل الفائق.
لم يزل المترجم به على حالته ورقته ولطافته مع ما كان عليه من كرم النفس والعفة والنزاهة والولع بمعالي الأمور والتكسب وكثرة الإنفاق، وسكنى الدور الواسعة، وكان له صديق يسمى أحمد العطار باب الفتوح توفي فتزوج شاعرنا امرأته وهي نصف، وأقام معها نحو ثلاثين سنة ولها ولد صغير من زوجها المتوفى فتبناه ورباه ورفهه بالملابس وأشفق عليه إشفاق والد بولده، ولما ترعرع زوجه وأقام له مهرجانا فخما، وبعد سنة من زواجه مرض اشهرا أنفق فيها كثيرا من المال عليه، ثم قضى الغلام نحبه فجزع عليه جزعا شديدا وأقام له مأتما عظيما، واختارت أمه دفنه بجامع الكردي بالحسينية ورتبت له رواتب وقراء واتخذت مسكنا ملاصقا لقبره أقامت به نحو الثلاثين سنة، وهي مداومة على عمل الشريك والكعك بالعجمية والسكر وطبخ الأطعمة للمقرئين والزائرين كل جمعة على الدوام، وشاعرنا طوع أمرها في كل ما طلبته. وكان كل ما وصل إليه من مال أو كسب ينفقه عليها وعلى أقاربها وخدمها لا لذة له في ذلك حسية ولا معنوية. لأنها في ذاتها عجوز