شوهاء وهو نحيف ضعيف الحركة جدا، ومرض بحصر البول مع الحرقة والتألم وطال عليه حتى لزم الفراش أياما ثم توفي في يوم السبت ثاني الحجة سنة ١٢٣٠ بمنزله الذي استأجره بدرب قرمز، وُصلي عليه في الأزهر في مشهد حافل ودفن عند ابنه المذكور بجامع الكردي.
وقد اهتم الشيخ حسن العطار بجمع ديوان الخشاب في حياته سنة ١٢٢٧ لإعجابه الشديد برقته وبلاغته وسمو خياله، أي قبل موته بثلاث سنين، ويؤيد ذلك التاريخ الذي وضعه ناسخ الديوان محمد صالح الفضالي الواقعي المصري إذ انتهى من نسخه في يوم الأحد ١١ شوال سنة ١٢٢٧. وقد عاش المترجم بعد جمع ديوانه ثلاث سنين، ولا يبعد انه نظم فيها شيئا ليس بالقليل، ولأنه لم يترك عقبا امتدت يد الشتات إلى نظمه الأخير.
لا نعرف بالضبط التاريخ الذي بدأ فيه بمعالجة القريض. وأقدم تاريخ في ديوانه سنه ١٢٠١ يؤرخ به ميلاد ابن أبي الأنوار السادات، ومن ذلك يعلم انه مكث يقرض الشعر أكثر من ثلاثين سنة
طرق الشاعر عدة أنواع من الشعر وهي الغزل والخمريات والمدح والرثاء والتهاني والوصف والموشحات والأدوار. وإن القينا نظرة عامة في شعره وجدناه صادق الوصف منسجم السياق رشيق الأسلوب يحسن اختيار الالفاظ، موسيقي الأوزان، خفيف الروح فخم التراكيب، مسلسل المعاني متصلها، ولم نر في جميع ديوانه شيئا من الهجو، وهذا مما يدل على سمو أخلاقه.
ولغزله المكانة الأولى ولا سيما ما قاله في صديقه الفرنسي الذي سبق الكلام عنه، فانه يتأجج بعنيف العواطف والصراحة في القول ورقة التعبير ورشاقة الوصف. ومن أرق قوله فيه:
أدرها على زهر الكواكب والزهر ... وإشراق ضوء البدر في صفحة النهر
وهات على نغم المثاني فعاطني ... على خدك المحمر حمراء كالجمر
وموه لجين الكأس من ذهب الطلا ... وخضب بناني من سنا الراح بالتبر
وهاك عقوداً من لآلي حبابها ... فم الكأس عنها قد تبسم بالبشر