اللهجة المصرية العامية مع مراعاة الأحوال الأخلاقية المصرية.
لسنا ننكر أن محاولته تدل على مهارة فائقة وعبقرية ناضجة، ولكن اللهجة العامية كانت غريبة على المسرح الذي لم يألفها، ولذا لم تمثل مسرحياته إلا في سنة ١٩١٢.
تلك هي أهم البواعث التي يعزى إليها قصور التأليف المسرحي العربي على النوع شبه الكلاسيكي.
لما جاءت سنة ١٩٢٠ كانت بعض الروايات مترجمة وبعضها موضوعة على طريقة نجيب حداد، الذي كان قد أفسح المجال لعدة مؤلفين قديرين نسجوا على منواله. أما بعد سنة ١٩٢٠ فقد بدأ عهد جديد للأدب المسرحي في مصر بفضل جهود محمد تيمور الذي تحدثنا عنه في صدر هذا المقال.
كان الفن المسرحي موضع عنايته الخاصة، وطالما كتب عن المسائل الخاصة بنظريات الفن المسرحي وتاريخه، كما أنه وضع عدة منولوجات لإلقائها على المسرح، وقد ترك أربع روايات مسرحية: روايتين هزليتين، ودرامة وأوبريت. أما حوادثها فتجري كلها في مصر الحديثة، عدا الأخيرة فهي مقتبسة عن مصر في عهد المماليك.
ومسرحيات تيمور تمتاز بالروح القوي، وتراه يدب فيها بفضل استعماله اللغة المصرية الدارجة، كما أن صفاتها المسرحية العظيمة جديرة بالتسجيل، ولا شك أنها في مقدمة المسرحيات المعبرة عن الحياة العصرية، وهذا من أقوى البواعث التي يعزى إليها نجاحها.
وفيما عدا هذه المسرحيات، فقد نجح ميخائيل نعيمه في المهجر، وفي وضع مسرحية هزلية أخلاقية، امتازت بما فيها من التحليلات النفسية الأخلاقية الرائعة؛ هي رواية (آباء وأبناء) - ١٩١٧ - ووقائعها مأخوذة عن الحياة السورية العصرية، وخصصت المقدمة لمسائل مبدئية، مما يدل على اهتمام المؤلف اهتماماً جدياً بالمشاكل التي يثيرها التأليف المسرحي، ولا ريب في أن هذه الجهود تعد فاتحة خير للفن المسرحي العربي.
والمسرحيات المصرية التي وضعها أنطون يزبك (خصوصاً الذبائح) المكتوبة باللهجة العامية، تدل على تقدم مطرد بالنسبة لسابقاتها. وقبيل عام ١٩٣٠ حاول الشاعر الكبير احمد شوقي بك أن يعيد إلى التراجيدية شبه الكلاسيكية رونقها وبهاءها، فخلف بعد وفاته عدداً من المسرحيات الشعرية المنقولة عن التاريخ المصري القديم أو تاريخ العرب