الأندلسي)، ووصل فن المسرحيات الهزلية الأخلاقية إلى نتائج جديرة بالثناء منذ أوائل عهد النهضة الأدبية، بفضل التأثير الأوربي، فقد زار الكاتب السوري مارون نقاش (١٨١٧ - ١٨٥٥) إيطاليا عدة مرات، واطلع على مؤلفات موليير ودرس حالة المسرح الإيطالي الجديد. وما إن عاد إلى وطنه حتى شرع في كتابة ثلاث مسرحيات هزلية على أسلوب موليير، وعهد بتمثيلها إلى فرقة من الهواة، وفي اثنتين منهما صور المؤلف الحياة السورية الحالية. أما الثالثة فهي مقتبسة عن (ألف ليلة وليلة)، وقد نالت تلك المسرحيات بعض النجاح، لكن بعد وفاة المؤلف وهو في ريعان الشباب، لم يحاول أحد أن يسير على خطته، اللهم إلا في بعض المسرحيات الهزلية الصغيرة التي وضعها طنوس الحر (عام ١٨٦٠) فإنها لم تصاف من النجاح إلا القليل.
وبعد مضي عشرين سنة ألف الكاتب السوري أديب إسحاق (١٨٥٦ - ١٨٨٥) فرقة تمثيلية صغيرة بمدينة الإسكندرية، وهو شقيق سليم النقاش المتوفى عام ١٨٨٤، واتجهت الميول وقتئذ شيئاً فشيئاً إلى المأساة شبه الكلاسيكية. وكان أغلب أنصار هذه النزعة من رجال حلقة اليازجي والبستاني.
وأول ما ظهر من المآسي (المروءة والوفاء، لخليل اليازجي (١٨٥٦ - ١٨٨٩)، وهي قطعة شعرية مستقاة من حادث معروف في أساطير الأدب الجاهلي. ويعد نجيب حداد (١٨٦٧ - ١٨٩٩) من أغزر الكتاب المسرحيين في هذا العهد إنتاجاً، فقد ترك ست عشرة رواية مسرحية، أغلبها منقول بتصرف عن مؤلفات كورني وفيكتور هيجو واسكندر دوماس وشكسبير، لكنه ليس من السهل غالباً العثور على الأصل. وكتب أيضاً بعض تراجيديات من وضعه، وهي لا تختلف عن سابقتها في النوع، نذكر منها (صلاح الدين) و (ثارات العرب). ونالت مسرحيات حداد إعجاب الجمهور إذ ظل يتذوقها ويفضلها على سائر المسرحيات العربية حتى نشوب الحرب العظمى، وإن كان الأوربيون يعتبرونها فطرية وغير متناسقة مع حاجات المسرح.
وحاول الكاتب المصري محمد عثمان جلال (١٨٢٩ - ١٨٩٨) أن ينفث روحاً جديدة في المسرحية الهزلية الأخلاقية، وفيما عدا ترجمته لمسرحيات راسين وكورني إلى اللغة العربية الفصحى، عزم هذا الكاتب على تنفيذ فكرة جريئة، هي نقل مؤلفات موليير إلى