للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالإنشاد، ورنين الكؤوس، وضحك المجان، وعزف القيان. . .

ومهما يكن من عبث الزمان بها وتقلب الأحداث عليها، وتبدل المشاهد فيها، فان أطياف الماضي لا تزال تخايل أمام العيون التي تعرفت إليها في دنيا الكتب وصحائف الآثار. والذين يجدون في أنفسهم قدرة على ذكرى الأضواء والألوان لا يستطيعون أن يمروا على تراب كتراب بغداد، وقد ضم بين معادنه أشعة سقطت من أمجاد تاريخهم وعرش دينهم وعلمهم. . . دون أن يتفرسوا بين طياته، وتحن قلوبهم إلى الالتصاق بذراته!

وبعد. فإن ما رأيناه من حفاوة إخواننا العراقيين حكومة وشعبا بنا، وتقديرهم الجميل لجهود المصريين في المعاونة على تنفيذ سياسة الإنشاء والتعمير، وثقتهم فيهم حتى لقد أسلموا إليهم أعز شيء في الدولة وهو نفوس الناشئين، ووقوفهم على الدقيق والجليل من شؤون مصر. . . وامتلاء دورهم ونواديهم بأغاني مصر في المذياع والحاكي. . . كل أولئك مما يجعل الأمل يوشك أن يكون يقيناً بأن الشرق العربي قادم على عهد من وحدة المنزع ومجابهة الحياة في صفوف يجمعها نظام موحد وإن اختلفت أوضاعها في الميدان العام.

وإنه ليسرني إلى ما يقارب الفخر. . . أن تكون مهمتي في مصر والعراق من أمس المهمات بإعداد العقلية العامة في الناشئين لهذه الحال الموموقة والتوسيد لها. . . وأنعم بها من رسالة لمعلم!

(كوت العمارة)

عبد المنعم محمد خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>