نوابغ المصورين والمثالين جاروا أساتذتهم من أهل القارة في مجالات النحت والتصوير، كما جاورهم في مضمار الأدب.
وظهرت آثار تلك الفنون في الأدب الإنجليزي: فالتمثيل صار باباً من أبواب الأدب له خطره، وتوفر عليه أكثر نوابغ العصر الاليزابثي وكثير ممن تلاهم. والصور والتماثيل التي أبدعها رجال الفن الإنجليز أمثال رينولدز وكنستبل وترنر، والأجانب أمثال رافائيل ودورر وفان ديك، وسير أولئك النوابغ، صار كل ذلك مجالاً لتأمل الشعراء والكتاب، ومهبطا لآثار أخرى في عالم الأدب لا تقل مكانة عن تلك الآثار في عالم النحت والتصوير؛ وصرف بعض الأدباء همهم إلى نقد أعمال المصورين والنحاتين والممثلين، ومن أولئك هازلت ورسكن، وإلى الأخير يرجع الفضل في إظهار المصور ترنر.
وقد قضى كيتس وشلي وبيرون وبروننج وهاردي ردحاً طويلاً أو قصيراً من أعمارهم في إيطاليا، حيث استطابوا مناظر الطبيعة وتفيأوا ظلال آثار الرومان واستلهموا بدائع المصورين والمثالين الطليان، بين رومة وفلونسة والبندقية، وقضى الشاعران الأولان نحبيهما هناك، ودفنا في أرباض تلك المعاهد التي ألفاها حيين. وبين أطلال رومة نبتت فكرة عمل من أكبر أعمال النثر الفني في الإنجليزية، ألا وهو تاريخ جيبون عن انحطاط الدولة الرومانية وسقوطها، فهو يحدثنا في مذكراته أن الرغبة في وضع مؤلفه عنت له أثناء تجواله هناك بين آثار الوثنية ومعالم النصرانية.
ولم تقتصر الصلة بين الأدب وغيره من الفنون على اقتباسه منها واستلهامه إياها، بل حدث العكس: إذ عمد أعلام تلك الفنون إلى الأدب يطلبون الوحي وينشدون النماذج، فوجودا في روايات شكسيبر العديدة، ومناظرها الكثيرة، وشخصياتها الحية، ومواقفها الحافلة بشتى العواطف، وفي خرائد ملتون المملؤة بالأوصاف والصور والحالات النفسية، وفي روائع تنيسون وبروننج المنسوجة من أشتات الخرافات البديعة، منادح لفنهم ومسرى لخيالهم. والمتاحف الإنجليزية ملأى بتلك الآثار المنتزعة من قصائد الشعراء. كصور ليدي شيلوت، وأوفيليا، والحسناء القاسية.
وكان من شعراء الإنجليزية المعدودين من ضربوا بسهم في الفنون الأخرى، واشتهروا بها اشتهارهم بصناعة القلم: فشكسبير كان ممثلاً كما كان شاعراً ومؤلفاً للمسرح، ووليم