أتوسل إليكم، أيها الأخوة بأن تحتفظوا للأرض بإخلاصكم فلا تصدقوا من يمنونكم بآمال تتعالى فوقها؛ إنهم يعللونكم بالمحال فيدسون لكم السم، سواء اجهلوا أم عرفوا ما يعملون، أولئك هم المزدرون للحياة، لقد رعى السم أحشاءهم فهم يحتضرون؛ لقد تعبت الأرض منهم فليقلعوا عنها.
لقد كانت الروح تنظر فيما مضى إلى الجسد نظرة الاحتقار فلم يكن حينذاك من مجد يطاول عظمة هذا الاحتقار. لقد كانت الروح تتمنى الجسد ناحلاً قبيحاً جائعاً متوهمة أنها تتمكن بذلك من الإنعتاق منه ومن الأرض التي يدب عليها. وما كانت تلك الروح إلا على مثال ما تشتهي لجسدها ناحلةً قبيحة جائعة، تتوهم أن أقصى لذتها إنما يكمن في قسوتها وإرغامها.
أفليست روحكم، أيها الأخوة، مثل هذه الروح؟ أفما تعلن لكم أجسادكم عنها أنها مسكنة وقذارة وأنها غرور يسترعي الإشفاق؟
والحق ما الإنسان إلا غدير دنس، وليس إلا لمن أصبح محيطاً أن يقتبل انصباب مثل هذا الغدير في عبابه دون أن يتدنس
تعلموا من هو الإنسان المتفوق.
إن هو إلا ذلك المحيط تغرقون احتقاركم في أغواره.
وهل تتوقعون بلوغ معجزة أعظم من هذه المعجزة؟
لقد آن للاحتقار أن يبلغ أشده فيكم، بعد أن استحال شرفكم ذاته كما استحالت عقولكم وفضائلكم إلى كرهٍ واشمئزاز لقد آن لكم أن تقولوا: ما يهمني شرفي، وما هو إلا مسكنة وقذارة وغرور، في حين أن على الشرف أن يبرر الحياة نفسها لقد آن لكم أن تقولوا: ما تهمني القوى العاقلة في، إذا لم تطلب الحكمة بجوع الأسد، وما هي الآن إلا مسكنة وقذارة وغرور.
لقد آن لكم أن تقولوا: ما تهمني فضيلتي فإنها لم تصل بي إلى الاستغراق، وقد أتعبني خيري وشري، وما هي إلا مسكنة وقذارة وغرور.
لقد آن لكم أن تقولوا: ما يهمني عدلي، إن العادل يقدح شرراً ولما أشتعل.