تعود إلى مراتع الحيوان، أفلا يرضيك أن تكون مثلي دبا بين الدببة وطيرا بين الأطيار؟
فسأل زارا: وما هو عمل القديس في هذا الغاب؟
فأجاب القديس: إنني أنظم الأناشيد لأترنم بها، فأراني حمدت الله إذ أسر نجواي فيها بين الضحك والبكاء، لأنني بالإنشاد والبكاء والضحك والمناجاة أسبح الله ربي، ومع هذا فما هي الهدية التي تحملها إلينا؟
فانحنى زارا مسلماً وقال للقديس: أي شيء أعطيك؟ دعني أذهب عنك مسرعا كيلا آخذ منك شيئاً.
وهكذا افترقا وهما يضحكان كأنهما طفلان.
وعندما انفرد زارا قال في نفسه:
- إن لأمر جد مستغرب، ألما يسمع هذا الشيخ في غابة أن الإله قد مات.
- ٣ -
وإذ وصل زارا إلى المدينة المجاورة، وهي أقرب المدن إلى الغاب، رأى الساحة مكتظة بخلق كثير أعلنوا من قبل أن بهلواناً سيقوم هنالك بالألعاب، فوق زارا في الحشد يخطبه قائلاً:
- إنني آت إليكم بنبأ الإنسان المتفوق، فما الإنسان العادي إلا كائن يجب أن نفوقه، فماذا أعددتم للتفوق عليه؟
إن كلا من الكائنات أوجد من نفسه شيئاً يفوقه، وأنتم تريدون أن تكونوا جزراً يصد الموجة الكبرى في مدها؛ بل إنكم تؤثرون التقهقر إلى حالة الحيوان بدل اندفاعكم للتفوق على الإنسان. وهل القرد من الإنسان إلا سخريته وعاره؟ لقد اتجهتم على طريق مبدؤها الدودة ومنتهاها الإنسان، غير أنكم أبقيتم على جل ما تتصف ديدان الأرض به. لقد كنتم من جنس القرود فيما مضى؛ على أن الإنسان لم يفتأ حتى اليوم أعرق من القرود في قرديته.
ليس أوفركم حكمة إلا كائن مشوش لا يمت بنسبه إلى أصل صريح، فهو مزيج من النبات والأشباح، وما أدعو الإنسان ليتحول إلى شبح أو إلى نبات.
لقد أتيتكم بنبأ الإنسان المتفوق.
إنه من الأرض كالمعنى من المبنى، فلتتجه أراداكم إلى جعل الإنسان المتفوق معنى لهذه