للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لابد أن أحسها حين أعرف أنها كانت تعابثني وتستغفلني. .؟؟)

فقلت له (خذ) ومددت لي يدي بسيجارة فتناولها وهو ذاهل، وأضرمت له عود الثقاب وأنا أرد الضحك الذي أحس أني سأنفجر به. . . ونفخ الدخان مرة وأخرى، وأحسست أنه صار أهدأ أعصابا، فقلت (الحقيقة أنه) فصل (بارد. . . لا شك في ذلك)

وكان لابد أن أتألفه بكلام كهذا ليهدأ ثائره، ثم قلت له وقد آنست منه إقبالا (هي فتاة تعد محرومة من متع الحياة. . . كل ما تعرفه من متع الدنيا أن تجلس في الشرفة وتنظر. . . أظن أن هذا لا يجوز أن يحسب في المتع. . . أولى به أن يزيد شعورها بالحرمان الذي تقاسيه. . . بالحجر المضروب عليها. . . أهلها ليسوا مخطئين لأنهم لا يعرفون إلا هذا الأسلوب. . . وهي ليست مسرفة في إحساسها بالحرمان لأنها تعلمت ما لم يتعلمه أبوها وأمها، وعرفت ما لم يعرفا. . . والمجتمع المصري عرف السفور، ولكنه لا يزال بعيدا عن الحياة الاجتماعية التي تجعل السفور ذا معنى وفائدة. . . والبنت المصرية سافرة ولكنها لا تحيا الحياة الاجتماعية التي يستدعيها السفور. . . فكأنها تسفر لترى بعينها ما هي محرومة منه. . . والنتيجة أن الفتاة صارت كالحجلة في حكايات كليلة ودمنة. . لا هي بقيت محبوسة في البيت، ولا هي فازت بالمتع البريئة التي يقتضيها السفور. . . ليست أريد أن ألقي عليك محاضرة، وإنما أريد أن ألفت نظرك إلى أن هذه الفتاة معذورة إذا هي التمست التسلية والضحك. . . وليس من العدل والإنصاف أن نأبى عليها أن تضحك، وأن نحرم عليها أن تتسلى. . . وليس من حقك أن تدعي أن لك عليها حقا فما هي بزوجة لك ولا صاحبة. . . ولقد عرفت اسمها من أفواه الناس لا من أبيها ولا من أحد من أهلها. . . والمغازلة يا صاحبي مقامرة. . . والمقامر يجب أن يحتمل الخسارة كما ينتظر من ملاعبيه أن يحتملوا الخسارة حين يربح هو. . . وقد قامرت وخسرت. . . ومن واجبك أن تتلقى حظك بابتسامة. . . ضع نفسك في مكانها. . . فأنك خليق أن تضحك مما حدث كما أضحك أنا الآن)

وانفجرت بالضحك المكتوم فنهض كالمغضب وقال: (أو تضحك؟)

قلت: (سبحان الله. . . وهل كنت تنتظر مني أن أبكي؟؟ والله إني لأراها قد عاملتك كما تستحق. . . برافو عليها. . . ويا سخيف. . . ألا تعرف أنها لا تخرج قط فكيف صدقت

<<  <  ج:
ص:  >  >>