فهو يرمي بطبيعته إلى توفير السعادة على الفرد. والفرد - مهما حاول أنصار الاشتراكية في عهدنا هذا - سيبقى دائما أبداً هو الغاية التي يسعى إليها كل تشريع، وإذا غلبنا في بعض الأحيان مصلحة الجماعة فليس ذلك في الواقع إلا لكونها تتضمن في نفس الوقت مصلحة الفرد.
(٢) أما النزعة الثانية فهي السعي وراء العدالة المطلقة عن المساواة. وقد ظهرت هذه النزعة في نظرية الالتزامات في صورة المساواة بين المتعاقدين. على أن الفقهاء قد توغلوا في هذا الاتجاه إلى أقصى حدوده، ومن آثار هذه النزعة نظرية الربا
(٣) والنزعة الثالثة ترمي إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه خلق القلق أو المنازعات في المعاملات. لذلك هم ينفرون من الغرر على كافة صوره. وقد توسعوا في بيان أحكام الجهالة الفاحشة واليسيرة. وذلك كله اتقاء للمنازعات. وسنرى أن هذه النزعة أيضاً قد ذهبت بهم بعيدا.
وأخيرا نقول كلمة عما وضع في القرن التاسع عشر الميلادي من التقنينات في التشريع الإسلامي
أما (المجلة العدلية) فقد قام بوضعها في آخر عهد الدولة العثمانية فريق من الفقهاء. وقد جعلوا منها مجموعة نصوص أوردها تحت أرقام متسلسلة. على أنهم لم يحاولوا قط إخضاع المسائل لقواعد عامة تكون هي موضوع المواد. فالمواد جاءت بالمسائل على أنها مسائل. وإن قليلا من المواد جاءت بتعاريف، منقولة هي كذلك عن الكتب الفقهية
وقام بعد ذلك في مصر (قدري باشا)، فوضع كتاباً سماه (مرشد الحيران) ذكر به مجموعة من الأحكام الشرعية على نسق القوانين المصرية. على أن محاولته وضع نظرية للالتزامات لم تفلح، فاكتفى بذكر طرق انقضاء الالتزامات وبعض أوصافها، وإن المواد التي وردت بها هذه الأحكام لا تخلو مع ذلك من الأغلاط. أما نظرية العقد كما أوردها فهي في الواقع نظرية عقد البيع
القانون المقارن - أما وقد بينا منهاج بحثنا في التشريع الإسلامي، نتساءل هنا هل يجدر بنا بعد الوصول إلى تعرف حقيقة هذا التشريع الرجوع إلى غيره من التشريعات لمقارنته بها