إلا أن تسلم معه بأن (العلم قرآني بموضوعه) وأنه (قرآني بطريقته)، فقرآنية العلوم الطبيعية واضحة ملموسة فيما ورد في الكتاب الكريم من آيات التدبر والتفكر فيما خلق الله في السموات والأرض؛ وسبل العلم في طلب أسرار الفطرة أو في تفهم سنن الله في كونه هي السبل التي أمرَ القرآن باتباعها من حيث تمحيص الحقائق والاستناد إلى البراهين وتحكيم العقل. والاعتماد إلى جانب ذلك على المشاهدة.
راح الأستاذ بعد هذا يعرض المسائل العلمية التي يشتمل عليها كتابه، وهو فيها مقيد بمنهج دراسي خاص؛ وأحب أن أشير هنا إلى أني كنت احسبني قبل قراءتها حيال مسائل لا تهم كثيرا من يشتغل بالأدب، ولكني قرأتها في يسر واستمتاع وخرجت منها وقد كسبت من المعارف ما صرت أعتقد أنه لا غنى عنه لمن يطلب الثقافة. فالكتاب إذاً يستطيع أن يقرأه الإنسان على أنه كتاب عام لا كتاب مدرسي؛ وبهذه المناسبة يجدر بي أن أقرر أن الأستاذ قد توخى فيه سهولة العبارة وبساطة توجيه المسائل، وفي مثل هذا العمل لا ريب من العناء ما يعرفه كل من حاول أن يقرب إلى الأذهان موضوعات يعلم أنه يطرقها لأول مرة
هذا ولم يقف جهد الأستاذ المؤلف عند تبسيط المعلومات وحسن توجيهها، بل إنه تمشيا مع طريقة كتابه يقف عند المناسبات المختلفة ويشير إلى الآيات القرآنية التي تتصل بالموضوع فيعرضها في لباقة ووضوح مبينا لك مراميها وإعجازها في غير تكلف أو التواء، وتلك هي في الحقيقة حسنة الكتاب. وإذا كان لي أن آخذ على الأستاذ شيئاً، فذلك أنه مع مثل هذا الاستعداد وهذه المزايا، لا يخرج لنا كتابا واسعا يبسط فيه موضوع العلاقة بين العلم والدين، ذلك لأنه (إذا تم للإنسان هذا الجمع بين العلم والدين ثم ما يصح أن يسمى بعلم سنن الله الكونية، واستطاع الإنسان أن يدرس العلم بروح العبادة من غير أن يضحي بشيء من دقة العلم، وأن يدرس الدين ويطبقه بروح العلم من غير أن يضحي بشيء من عبادة الدين، وهنالك يتم للإنسان الاتحاد بين عقله وقلبه، وبين علمه ودينه، وهذا شيء ممكن تماما في الإسلام
- ٢ -
يأتي بعد ذلك الكلام على الكتاب الثاني (النتائج السياسية للحرب العظمى). وهو كتاب ألفه بالإنجليزية الأستاذ رمزي ميور أستاذ التاريخ الحديث بجامعة منشستر سابقا، وترجمه إلى