للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الدبابات ثم يقذف بعد ذلك النار فيلتهب ذلك السائل ولا يقاوم ناره شيء) أهـ

ورواد السينما يشهدون لسيسل دي ميل أنه أعطى صورة صادقة لكل ما ذكره الأستاذ فريد وأنا أعجب من دقة هذا المدير الفني في تصوير الحصار والهجوم هذا التصوير الصادق.

كذلك لا أنسى الموقعة التي قامت بين جيش ريكاردس وبين جيش صلاح الدين بعد أن دخل الصليبين عكا فقد كانت صورة جميلة لحرب الفروسية والشجاعة والأقدام، وقد تضاءلت أمام أعيننا الحروب الحديثة التي بدت قذرة أثيمة في وسائلها وأغراضها.

والتصوير دقيق والزوايا التي أخذت منها المناظر تدل على مهارة كبيرة، والشخصيات التي اختارها تطابق في كثير الشخصيات التاريخية، وما عرف عنها ولاسيما شخصية ريكادوس وصلاح الدين والراهب. ومن المواقف التمثيلية الرائعة موقف صلاح الدين أمام جميع الملوك المسيحيين وهم يقولون له (نحن ملوك عديدون) فيجيب بعظمة (وأنا ملك واحد).

أما ملابس صلاح الدين ففيها كثير من الأخطاء مما يدل على أن واضع النماذج لم يدرس الملابس الإسلامية، فقد ألبس صلاح الدين عباءة ملكية من القطيفة تشبه في كثير عباءة ملك فرنسا وهذا اللباس غريب عن مصر والشرق ولباس الرأس غريب كذلك، فصلاح الدين كان يلبس في غير الحرب العمامة دائما وهو لم يلبس العقال لأنه كردي لا عربي.

وعندما ظهر صلاح الدين في خيمته ومعه أسيرته أميرة نافار وزوجة ريكاردس شاهدنا فتاة تعزف على القيثارة وهذه القطعة الموسيقية رومانية وليست عربية والعرب والمصريون استعملوا من القطع الموسيقية العود والناي والمزهر (نوع من العود) وربما القانون، أما القيثارة فلم تكن أبداً بين القطع التي استعملوها.

ولقد اتخذ المسيحيون الصليب شعارا لهم فلم يقلدهم المسلمون في اتخاذ الهلال شعارا، فاتخاذ الهلال شعار إنما شاع في أيام الإمبراطورية التركية. وليس هنالك ما يمنع أن يضع صلاح الدين الهلال على رأسه ودرعه، ولكن ذلك ليس معناه أن الهلال كان شعارا كالصليب كما يفهم من الفلم.

إن دقة تصوير الفلم لريكاردس طبقا لما جاء في التاريخ على أنه ملك شجاع لا يعبأ بمظاهر الملك، مندفع لا يفكر في النتائج البعيدة، ولم يكن بالقديس الذي يعبأ بأمر الدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>