للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نرى الملائكة فأنه ليخيل إلينا أننا نراها فيمن نحبهم؛ وما دام سر الحب يبدل الزمن والنفس ويأتي بأشياء من خارج الحياة، فكل حقائق هذا الحب في غير حقيقتها.

هذه هذه. لا أطلب في غيرها امرأةً أجمل منها، فهذا كالمستحيل، ولكن التمسن فيها هي امرأةً أطهر منها، وهذا كالمستحيل أيضاً. أنها أجمل جسم، ولكن وا أسفاه! إنها أجمل جسم للمعاني التي يجب أن أبتعد عنها.

وسكت صاحبنا إذ رفعت ستارة المسرح وظهرت هي مرة أخرى. ظهرت في زينة لا غاية بعدها تمثل العروس ليلة جلوتها. ألا ما أمرَّها سخرية منك أيتها المسكينة! عروس ولكن لمن؟

كانت تبرق على المسرح كأنها كوكب درى نوره نور وجمال وعواطف شعر.

وأقبلت تتمايل بجسم رخصٍ لين مسترسل الأعطاف يتدفق الجمال والشباب فيه من أعلاه إلى أسفله.

وأظهر وجهها حسناً وأبدى جسمها حسناً آخر فتم الحسن بالحسن.

واقفة كالنائمة، فالجو جو الأحلام، وكان الحب يحلم، وكان السرور يحلم.

مهتزة كالموج في الموج. هل خلقت روح البحر في جسمها المترجرج فشئ يعلو وشئ يهبط وشئ يثور ويضطرب؟

ثم دقت الموسيقى بألحانها المتحركة، وأحسسنا كأن روح الحديقة جالسة بيننا تنظر إليها وتتعجب. تتعجب من قوامها للغصن الحي، ومن بدنها للزهر الحي، ومن عطرها للنسيم الحي.

أما صاحب القلب المسكين؟

(يتبع)

مصطفى صادق الرافعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>