الأبيض المتوسط كله، وتدخل فيها فضلاً عن إيطاليا وبريطانيا العظمى، فرنسا وألمانيا.
وقد خطب السنيور موسوليني في ميلان أخيراً في سياسة إيطاليا العامة نحو المشاكل الأوربية المختلفة وكرر دعاوى إيطاليا القديمة على البحر الأبيض المتوسط، ووصفه بأنه بحيرة رومانية، وأنه يجب أن يكون في الواقع كذلك لولا أن بريطانيا تدعي فيه سيادة لا يحق أن تكون لها، ووجه الدعوة في خطاب إلى بريطانيا أن تتفاهم مع إيطاليا على قاعدة المساواة في الحقوق والمصالح؛ لأن كون بريطانيا تتخذ من هذا البحر طريقاً لأملاكها فيما وراء البحار، لا يجيز لها أن تدعي السيادة فيه والسيطرة على مياهه؛ وقرن السنيور موسوليني خطابه السياسي كالعادة ببعض التلميحات والتهديدات المسرحية، فأشار إلى عصبة الأمم بأنها حلم سخيف، وسخر من مشروع نزع السلاح ونظرية السلامة الإجماعية، وما إليها من مثل تأيد السلام؛ ولكن الحكومة البريطانية لم تلبث أن أجابت (الدوتشي) على مزاعمه ودعاويه؛ فذكرت أولاً في خطاب العرش الذي افتتح به البرلمان البريطاني، أن سياستها الدولية تقوم على تأييد عصبة الأمم وتدعيمها وإصلاحها لتتمكن من تأدية مهمتها، وأنها ما زالت تؤمن بالسلامة الإجماعية كوسيلة لتأيد السلام والتفاهم بين الأمم؛ وأما فيما يتعلق بالبحر الأبيض المتوسط، فقد ذكرت الحكومة البريطانية على لسان وزير خارجيتها مستر أيدن في مجلس العموم، أن بريطانيا العظمى تعتبر هذا البحر شرياناً من شرايين الإمبراطورية، وطريقاً حيوياً لتجارتها تدافع عنه بكل ما وسعت.
ألقى السنيور موسوليني خطابه الرنان غداة الاتفاق الذي عقد أخيراً بين إيطاليا وألمانيا، وكان من أهم نتائجه اعتراف ألمانيا بالإمبراطورية الإيطالية وسيادة إيطاليا على الحبشة، واتفاق الدولتين على اتخاذ خطة سياسية مشتركة في أواسط أوربا وشرقيها، وتحالفهما على مقاومة الخطر البلشفي الذي يزعج ألمانيا الهتلرية في كل لحظة؛ واتفاقهما على احترام استقلال النمسا إلى حين؛ ولم يكن هذا الاتفاق بين الدولتين الفاشستيتين مفاجأة في السياسة الدولية؛ فمن المعروف أن إيطاليا وألمانيا تجمع بينهما روابط خاصة أهمها اتفاق الوسائل والخطط، والاتحاد في كثير من المطامع والغايات، ولا سيما المطامع الاستعمارية؛ وقد كانت ألمانيا أول الدول المؤيدة لإيطاليا يوم اعتدائها على الحبشة، لأنها تجيش بمثل الأماني الإمبراطورية التي تجيش بها إيطاليا؛ هذا فضلاً عن اتحاد الدولتين في مناوأة