للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على أن الذي لا ريب فيه هو أن ألمانيا وإيطاليا مهما بلغتا اليوم من القوة لا تستطيعان الاضطلاع بحرب أوربية كبيرة، فكلتاهما تفتقد إلى المال والمواد الأولية، وأن كانت غنية بالرجال والأساليب الفنية؛ والحرب المعاصرة تقوم على المال والمادة كما تقوم على الفن والسواعد؛ ومن ثم كان تلهف ألمانيا على استرداد مستعمراتها وهي أمنية تبدو مستحيلة التحقيق على الأقل في الوقت الحاضر؛ ثم أنتيار الحوادث لا يستقر على حال، فها هي ذي الحرب الأسبانية تتطور في مصلحة الجمهوريين، والثورة تدنو إلىالفشل؛ وسيكون فشل الثورة الأسبانية ضربة أليمة ولكن عادلة للفاشستية التي أثارتها؛ والأحوال السياسية تتطور في أوربا الوسطى تطوراً سريعاً، ودول الاتفاق الصغير تنظر بعد خطبة الدوتشي في ميلان وما ورد فيها من إشارة إلى تعديل المعاهدات، إلى السياسة الإيطالية وغاياتها بمنتهى الريب، بل أن الاتفاق الذي عقد أخيراً بين ألمانيا وإيطاليا يبدو ضئيلاً مزعزع الأسس أمام التطورات الأخيرة في أوربا الوسطى؛ وها هي ذي إيطاليا رغم صياحها ووعيدها تؤثر أن تمد يدها إلى إنكلترا التي تمضي في تسليحاتها البحرية والجوية بخطى الجبابرة.

والخلاصة أن الفاشستية هي منبع الخطر على سلام أوربا، ففي إيطاليا وألمانيا تضطرم النار الخفية التي قد تثير ضرام الحرب في أي أزمة من الأزمات التي ما زالت الفاشستية تعمل على إثارتها بلا تدبر للعواقب؛ فإذا لم تنجح أوربا في كبح هذه النزعة الخطرة، فالويل للسلام الأوربي والحضارة الأوربية؛ بيد أن كل ما هنالك يدل على أن أوربا حريصة على سلامها وتراثها، وأنها لن تنحني أمام وعيد هتلر وموسوليني

<<  <  ج:
ص:  >  >>