للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو تقليله، ولكن تأبى نفوسهم وتثور حفائظهم وتقشعر أبدانهم أن تنتزع الرجولة منهم وتقتل الذكورة فيهم، أما الآن وقد وعد الطب بوصل ما يقطع، فلم تعد الرجولة تنتزع ولا الذكورة تقتلع، وانما يقطعان إلى وصل، ويطويان إلى نشر، وفي هذا من الأغراء ما فيه. ومن الممتع اللذيذ للعالم الاجتماعي أن يتابع عن كثب هذا الأثر الجديد للمشارط والملاقط في حياة الأسر، وطاقات الطوائف والأمم، فهما أداتان للخير والشر على السواء، لابد من ضبطهما بأيدٍ مسئولة، ولا سبيل إلى تركهما لأهواء الأفراد طيلة انتسابهم إلى مجتمع منتظم هم من نتاجه

واجتمعت الجمعية الطبية البريطانية اجتماعها السنوي في (دبلن) من أسابيع قليلة عقب الثائرة التي أثارتها تلك القضية، فرأينا أصداءها تتردد حتى في هذه القيعان، فقد قام جماعة من الأطباء ذوي اسم ومكانة ينصحون بتدخل الجمعية في تحديد عدد السكان في الجزر البريطانية وإباحة تلك العملية واتخاذها أداة لمنع الأضرار الاجتماعية التي تتسبب في الأوساط الفقيرة عن ارسال حبل الإنسان على غاربه، ولا سيما في مناطق التعدين حيث الفقر مدقع والبطالة لا أمل في العثور على علاج لها لا في الحاضر ولا في مستقبل الأيام. وقامت معارضة هادئة الا أنها من صنف المعارضات التي تنجح وتتلقاها آذان السكسونيين دائما بالقبول. قام معارض فقال: إن للمسألة وجوها غير طبية، فلها وجه اجتماعي ووجه آخر خلقي، وليس الطبيب بأهل ان يبحث في الاجتماع أو أن يرسم للناس كيف يتخلقون. وقام طبيب الملك فقال: إن من أنجع الطرق في وقف سير حركة جديدة أو تعطيل اعتناق الناس لمذهب طريف، أن تتدخل فيه بالعنف الرسمي، سواء أكان ذلك بتحكيم القانون أم بتقرير جماعة مسئولة كجماعتنا هذه. كل حركة جديدة أو مذهب طريف، لابد أن يتأهل له الناس. وما التقنين الا صياغة لرغبة عامة وتتويج لإرادة شاملة، فلندع جمهور الأمة يفكر في صمت، في المجالس الخاصة وبين فترات العمل، في راحة ما بعد الغداء، أو اضطجاعة ما بعد العشاء، وفي أثناء التروض على الحشيش الأخضر أو على رمل الساحل، أعطوا الجمهور الزمن ليفكر. ولا تسبقوا أحداث الوجود، فعندئذ يأتيكم هذا الجمهور يطلب منكم النصيحة، وعندئذ تعطونه إياها نصيحة ناجعة سهلة، تصل بكم إلى الغرض بسرعة كبيرة تعوضكم عن الإبطاء الذي كان لابد منه لتفكير الناس واقتناع

<<  <  ج:
ص:  >  >>