أما في ألمانيا الهتلرية فقد جرى النقاش في الموضوع وتقرر القرار وصيغ القانون في ليلة وضحاها. والواقع أننا لم نكد نسمع الا بالقانون وقد صدر، وهو يضيء بالتعقيم الإجباري لكل مريض بمرض يمكن توريثه. وعددوا تلك الأمراض فكان منها ضعف العقل وبعض صنوف الجنون والصرع والتشنج المفصلي والعمى والصمم الموَّرثان، وكل عاهة يمكن توريثها، وكذلك إدمان المسكرات إذا بلغ حد المرض. وتنصب لجان للتقرير عن حالة المرضى. وللمريض أن يستأنف، فأن قضى الاستئناف بالتعقيم أنفذ بالقوة في مصحات الحكومة. وتقع نفقة كل هذا من قضاء أو تعقيم على أولي الأمر، ويتعهد كل من يتصل بشيء من ذلك بالتكتم والتستر حتى لا يعرف من تعقم. لم يسمح القانون بإجراء العملية على الأصحاء لأسباب اجتماعية مهما كانت تلك الأسباب. ونسمع انهم سيخرجون في القريب العاجل قانونا خاصا بتعقيم المجرمين.
هذه البداية، ولسنا ندري ما النهاية. حرموا النسل على المرضى لخير المجتمع. أو لما يرون فيه خير المجتمع، وفرضوه على الأصحاء لخير المجتمع كذلك أو لما يرون فيه الخير للمجتمع. والروح السارية في هذا كله تقضى بالتضحية بالحرية الفردية لصالح الجماعة، وهي روح تلتئم مع روح العصر المَكنَّى فالجماعة مَكَنَة والأفراد قِطَعها، فهي إن دارت تدور بسرعات مختلفة وفي اتجاهات متباينة، ولكنها جميعا متناسقة متوافقة، تؤدي إلى نتيجة محتمة واحدة. هي دوران المكنة على الدوام وبانتظام. فان شذت قطعة من القطع عن ذلك كان مصيرها رُكام القمائم.