للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وصل إلى غابة كثيفة حيث انقطع كل طريق أمامه، فتوقف ووضع الجثة في فراغ شجرة حواها حتى رأسها ليقيها هجمات الذئاب، ورقد بعد ذلك متوسداً نبات الأرض وما عتم حتى استغرق في نومه منهوك الجسم مرتاح الضمير.

- ٩ -

وطال نوم زارا حتى غمرت وجهه أنوار الضحى بعد أن داعبته تباشير الفجر ففتح عينيه مبهوتاً وسرح أبصاره على الغاب ثم حولها يستكشف نفسه ساكناً مستغرباً.

وهب من مجلسه فجأة كما يهب الملاح تبدو لعينه الأرض، فهتف وقد هزه المرح لأنه اكتشف حقيقة جديدة فخاطب قلبه قائلاً

لقد انفتحت عيناي. إنني بحاجة إلى رفاق أحياء لا إلى رفاق أموات وجثثٍ أحملهم إلى حيث أريد.

إنني أطلب رفاقاً أحياء ليتبعوني لأنهم يريدون أن يتبعوا أنفسهم أيان توجهت.

لقد انفتحت عيناي، ليس على زارا أن يخاطب جماعات بل عليه أن يخاطب رفاقاً، يجب ألا يكون زارا راعياً للقطيع وكلباً له.

إنني ما جئت إلا لأخلص خرافاً عديدة من القطيع، وسوف يتمرد الشعب والقطيع عليّ. إن زارا يريد أن يعامله الرعاة معاملتهم للصوص.

قلت رعاة غير أنهم يدعون بالصالحين والعادلين. قلت رعاة غير أنهم يدعون بالمؤمنين بالدين الحق.

انظروا إلى أهل الصلاح والعدل لتعلموا من هو ألدّ أعدائهم، أنه من يحطم الألواح التي حفروا عليها سننهم ذلك هو الهدام ذلك هو المجرم - غير أنه هو المبدع.

انظروا إلى المؤمنين بجميع المعتقدات تعلموا من هو ألدّ أعدائهم إنه من يحطم الألواح التي حفروا عليها سننهم، ذلك هو الهدام، ذلك هو الجرم غير أنه هو المبدع.

إليّ بالرفاق. أنني أطلبهم مبدعين ولا أطلبهم جثثاً وقطعاناً ومؤمنين.

إن البدع لا يتخذ له رفاقاً إلا من كانوا مثله مبدعين، إنه يتخذهم ممن يحفرون سنناً جديدة على ألواح جديدة.

إن من يطلب المبدع إنما هم الحصّاد يعاونونه في الحصاد لأن كل شيء قد أصبح في عينه

<<  <  ج:
ص:  >  >>