ناضجاً للحصاد، ولكن المائة منجل ليست بين يديه فهو يتميز غضباً ويقتلع السنابل من أصولها.
إن المبدع يطلب رفاقاً له بين من يعرفون أن يشحذوا مناجلهم، وسوف يدعوهم الناس هدّامين ومستهزئين بالخير والشر، غير أنهم يكونون هم الحاصدين والمحتفلين بالعيد.
إن زارا يطلب من كانوا مثله مبدعين يشاركونه في الحصاد وفي الراحة فلا حاجة له بالقطعان والرعاة وأشلاء الأموات.
وأنت يا رفيقي الأول، أرقد بسلام لقد أحسنت دفنك في فراغ الشجرة ووقيتك افتراس الذئاب.
غير أنني سأفترق عنك لأن الزمان قد مر سريعاً، وقد انبثقت حقيقة جديدة في أفق نفسي ما بين فجرين.
لن أكون راعياً، ولن أكون حفار قبور، ولسوف لا أقف بعد الآن في الجماعات خطيباً فقد وجهت آخر حظي إلى ميت.
أريد أن أنظم إلى المبدعين، إلى أولئك الذين يحصدون ويرتاحون فأريهم قوس قزح والمراتب التي يرقاها الواصلون إلى الإنسانية الكاملة.
سأهتف بنشيدي للمعتزلين ولمن يشعر بمثنويته في انفراده أنني سأملأ بغبطتي قلب كل من له أذاناً تصغيان إلى ما لم تسمعه أذن بعد.
أنني أسير إلى هدفي وأتبع طريقي فأقفز فوق المترددين والمتأخرين، وهكذا سيكون سيرى جنوحاً إلى الغروب.
- ١٠ -
وكان زارا يناجي نفسه بهذا القول والشمس في الهاجرة وإذا به يسمع صوتاً جارحاً في الفضاء ولاح له نسر يعقد حلقات في طيرانه وقد تعلقت به أفعى وما كان يقبض عليها بمخلبيه كفريسة، بل كانت ملتفة حول عنقه التفاف المحب.
فهتف زارا والحبور يملأ فؤاده: هذان نسري وأفعاي، فهو أشد الحيوانات افتخاراً، وهي أشدها مكراً تحت الشمس؛ وكلاهما ذاهبان مستكشفين في الفضاء ليعلما ما إذا كان زارا لم يزل في الحياة، فهل أنا لم أزل حياً بعد؟