للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك يرسل الماء إلى مستودع فسيح يدخر فيه إلى الصباح حين يروي الشركاء منه على النظام السالف إلى أرضهم المنخفضة عن مستوى ذاك المستودع، والأراضي حول العيون مدرجة الانحدار كي يصبح الري ممكنا، وكثيرا ما كنت أرى المجاري المتقاطعة يسير فيها الماء بعضه فوق بعض مسافات طويلة كل يستمد من عين خاصة به

وكلما مضت السنون على العين ضعفت لكثرة ما يتجمع حولها من رمال فيعاد تطهيرها، وكثيرا ما تقارب العين النضوب او ينفذ ماؤها، والعادة انه كلما خرج نبع جديد أغاض ماء غيره أو أنضبه.

واهم الزراعات: الأرز عماد غذاء الأهلين وهو صغير الحب أسمر اللون لكنه ألذ طعما من رزنا، وهو في الطبخ ينتفخ فيزيد حجمه كثيرا، ولعل أكبر مميزاته محصوله الوفير فمتوسط غلة الفدان بين ٢٠و٣٠ أردبا، وفي الأرض الجيدة يغل أربعين، على أنه يمكث في الأرض سبعة شهور، ولعل جودة ذاك المحصول العجيب راجعة إلى كثرة الجهد الذي يعانيه القوم في خدمته، فزراعته تتطلب عناء عظيما من ذلك: بلّ البذور بالماء الساخن وبذرها ونقل النبت وهو صغير من بؤرة في الأرض إلى غيرها وتلك العملية تتطلب المثابرة حتى يقارب النضج، أضف إلى ذلك استئصال الطفيليات، وفي الشهر السابع يبدأ الحصاد وخلال كل أولئك ينشر الفلاح السماد على الأرض أولاً من روث البهائم، وأخيرا من فضلات المراحيض، فتراهم جميعا يوالون رمي رماد (الفرن) في مرحاض البيت كل يوم وإذا ما انتهى العام جمع كل ذلك سمادا قويا يعاون على إنبات الأرز. وكلما حسنت الخدمة زاد طول السنبلة فحوت بين ٩٠و١١٠ حبة وضوعف المحصول وقد يبلغ الخمسين أردبا ولذلك يجري على ألسنتهم جميعا المثل القائل: (قل زرعك وأكرمه). وبعد تمام ري الأرز ينصرف الماء إلى المنخفضات لاستخدامه في ري القمح وهو الغلة التي تزرع بعد الأرز في الأرض الجيدة وحولها في الأراضي الرديئة يزرع الشعير ومحصولهما محصول أرض الريف.

ولما كانت زراعة الأرز أساسية ومدته طويلة وهو يتطلب ريا مستديما كثرت لذلك النقائع أغلب العام، فعاون ذلك على نشر البعوض وبخاصة في أغسطس وهدد بالملاريا التي كثيرا ما تنتشر هناك، ولذلك حاولت الحكومة منع زراعته والاستعاضة عنه بالأرز

<<  <  ج:
ص:  >  >>