للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السبعيني لقصر مدته، ولما جربه القوم أنكروه بتاتا وذلك لقلة محصوله.

وكم أعجبت بنزعة القوم إلى التعاون في جل أعمالهم! ففي الزراعة مثلا لا يلجأون إلى إستئجار العمال خصوصا في موسم الحصاد؛ بل ترى فريقا يتنقل بكامل عدده إلى حقل الفريق الثاني وينجزون أعمال الحصاد متعاونين، وهؤلاء يقومون بدورهم في معاونة الفريق الأول إذا حل ميعاد العمل في منطقتهم، وتلك طريقة اقتصادية تبعث على العمل بنشاط وسرعة لا تتوافر في المأجورين، والناس هناك هادئو الطباع معروفون بالأمانة حتى أن صاحب النزل كان يترك الفندق مفتوحا بغير حراس رغم وحشة الليل وبعد المكان عن المدينة لأنه واثق أن ليس بين الناس من يحاول السرقة

غذاؤهم ومشربهم:

وعماد القوم في الغذاء الأرز يأكلونه مسلوقا ويضع الفقير عليه الزيت والغني المسلى وأحيانا يدق الزيتون كله ثم ينخل ويخلط سائله الزيتي الأسمر بالأرز فيكسبه لونا أسود وطعما لذيذا، وكثيرا ما يطبخ الأرز باللبن والملح. والأرز أساس وجبة الإفطار في الصباح والعشاء مساء. وهذه أهم الوجبات لديهم. يطهى في أوان كبيرة من الفخار أو النحاس. أما الخبز فلطعام الغذاء وهي أقل الوجبات أهمية يتناولونها في الحقول خارج بيوتهم.

ومن أشهر الأشياء لديهم الشاي والسكر والطباق. فهم يبتاعونها بالغلال عند بدء حصدها، والتجار يختزنون تلك الغلال ليبيعوها للقوم ثانية إذا نضب معينها عندهم

ولقد أسرفوا في تلك العادة حتى قيل أن الشاي أتلف كثيرا من صحتهم ومالهم لأنهم إذا شربوا عمدوا إلى الماء المغلي فصبوه على الشاي الذي يشغل بين نصف القدر (الغلاية) وثلثيه لذلك يصبح منقوعه أسود غليظا ثقيلا ويتناوله حتى صغار الأطفال. وتتكرر تلك العملية في مجلس الشاي ثلاث مرات، والناس يتناولون الشاي أربع مرات في كل يوم: عقب الأكلات الثلاثة مباشرة، والمرة الرابعة عند الأصيل، ولا يروقهم الشاي الخفيف قط، لذلك ترى الواحد منهم يضع قطرة منه على ظفره ثم ينكسه فان سقطت نفر منه ولم يشربه فهو لا يستملحه الا إذا حاكى العسل الاسود، والعجيب انهم يحلون ذلك بمقادير كبيرة من السكر. وأذكر أني أخذت صورة عجوز وناولتها قرشا فرجتني أن اشتري لها به بعض الشاي والسكر بدل النقود وأرسلت صبيها ليحمل ذلك إليها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>