للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجمل مناظر الواحة تتجلى في بساتينها اليانعة تحيط بها أسوار وطيئة من الطين تحفها من أعلاها قحوف النخيل وتتخللها أبواب من الجريد صغيرة وبين تلك البساتين تمتد الطرق وتنساب قنوات الماء الدافق من العيون المجاورة، وأعظم غلات البساتين البلح والمشمش وكذلك البرتقال وهو من أحسن الأنواع حجما وطعما.

ومن أخطر ما يعانيه القومطغيان الرمال على البيوت والبساتينوالينابيع، لذلك تراهم يحتالون لمقاومتها، فالعيون يقام حولها بناء أسطواني، أو في زاوية مدببة حتى لا يتجمع الرمل خلفها ويطمرها. ويغلب أن يزرعوا خلفها صفا من الشجر وبرغم ذلك يغلبهم الرمل، وكلما أحاط بالشجر أو النخل استمر هذا في نموه السريع وعلا حتى إذا ما بلغ نهاية نموه طمرته الرمال فاختفى وعندئذ يهاجر القوم إلى ناحية أخرى، وكثيرا ما حدث ذلك في ناحية (جناح) من بلدانهم، وقد يطغى الرمل على البيت فأن قارب نهاية علوه فتح صاحبه في جداره بعض النوافذ فيتسرب الرمل إلى داخل البيت ويسده ثم يبني الرجل طابقا جديدا فوق الأول ليسكنه، وقد يتكرر ذلك إلى الطابق الخامس والسادس. وقص علي القوم أنه حدث مرة أن سيدة في المكس من قرى باريز أنامت طفلتها داخل البيت ولما عادت وجدت الرمال قد تسربت من ثقب فوقها فطمرتها وماتت. وهناك بعض الكثبان الزاحفة على المدينة قاس الناس سرعة تقدمها فكانت متراً في كل شهر.

ومن الحشرات المخيفة هناك العقارب، فهي توجد بكثرة مروعة على أن ضررها قليل ويظهر أن سمها أخف من سم العقارب التي في بلاد الصعيد، وفي بعض القرى هناك كالمكس لا تكاد ترفع قطعة من الطوب الا وترى أسفلها قد افترش بالعقارب، لذلك ترى الأهلين جميها إذا اقبل الليل خرجوا إلى كثبان الرمل العالية وأمضوا ليلتهم فيها ولا يجرؤ أحدهم أن يدخل الدار طيلة الليل خشية لدغاتها

ومما هو جدير بالذكر وبالاغتباط ما شاهدته من عناية محافظ الواحات بصوالح الناس، فهو دائما يفكر في خدمتهم وزيارة مواردهم، وقد أنشأ قسما مستحدثا في المدينة طرقه نظيفة مرصوفة تحفها الأشجار، وقد افتتح الطريق إلى أسوان لأول مرة، وعاون على فتح الطريق إلى أسيوط فقطعته السيارة في سبع ساعات وهناك طريق معبد إلى الواحات الداخلة تقطعه السيارات في ست ساعات، وآخر يسير شمالا إلى مرسى مطروح.

<<  <  ج:
ص:  >  >>