أن يتوكأ عليها في تشييد مكانته، وهي ألفاظ واهية كالدعامة الوشيكة الانهيار.
ولو أنصفت الحكومة المصرية في اختيار رجال المجمع لنظمت عقدة من فئة مختارة لا من علماء اللغة فحسب؛ بل من أساتذة كل فن. فاللغة مجموعة شاملة لا تقف عند سيبويه ولا عند الكسائي. لا تدين بصلف علماء الكوفة، ولا بعناد أئمة البصرة. فالعصر يدعوها إلى جمع العلوم كافة. ومجمعها اللغوي يجب أن يضم العلماء من أبناء الفنون دون ما استثناء. فيحشد في حلقته المهندسون والاشتراعيون والأطباء والصحفيون والتجار وأرباب الصناعات، ليتفق الجميع على الكلمات المطلوبة لكل فن ومهنة. وهذا ما غاب عن الحكومة المصرية وهي تنشئ صرح المجمع، فشاءت إصلاح اللغة وتهذيبها فكان أن قضت عليها بتقهقر آخر لسنا بحاجة إليه. فالمصيبة الأولى أهون من مصيبة اليوم في (نفثات) المجمع العاطرة.
ولكن المجال لا يزال رحيباً، والمجمع قائم البنيان، ومن السهل التبديل أو الإضافة؛ فيعمد المجمع إلى محو ما رسم، أو إلى خلق ألفاظ جديدة لا تعقد فيها. وبهذه الوسيلة وحدها تتعادل الكفتان، ويثق أبناء اللغة العربية بما يعلن رجال المجمع ويؤيدونه فيما قرّ رأيه عليه؛ وإلا إذا بقيت الحال كما نرى فما على المجمع إلا أن ينسج بيده كفنه، وليس فيما اخترع واشتق كلمة تتداولها الأقلام.
لي على المجمع الكريم اقتراح بسيط، فما َيضرُه لو أقرّ لفظه (مقصورة) لكلمة الفرنجية؟. . . فالكلمة تحوي معنى القصر وفخم لطيف يشبه القصر بعض الشبه. ثم إن كلمة (مقصورة) معناها حجرة، واللغة العربية أجازت تسمية الكل باسم الجزء، عدا أن الكلمة معروفة خفيفة الوقع على السمع، قريبة المتناول، مدعاة إلى التفاخر، غير مهجورة. فمن يقول:(هذه مقصورتي!. . .) كمن يقول: (هذا قصري. . .!) وفي ذلك ما يرضي ذوي المطامع وعشاق الأبهة
ولقد تفضل المجمع فأطلق كلمة (ظظر) على الفرنجية فما معنى (ظظر) أيها المجمع المحترم؟. . . وهب كان لها معنى فمن يتلفظ بها وهي ثقيلة كالرصاص، على حين أن كلمة (مقصورة) لطيفة شائعة، تسرع إلى اقتباسها الألسن والأقلام؟
وهناك كلمة فماذا يحول دون تسميتها بالغلالة، والغلالة شعار يلبس تحت الثوب، فهل ما