المنقطع من حبال المودة كما فعل مع عمر، وكان رسوله إلى الثريا. وكما فعل مع نصيب، وقد توسط بينه وبين سعدى محبوبته: ولعل هذا الموقف يبدي لك غيرة ابن أبي عتيق على رجال الشعر والغناء والعمل على نصرهم. وهذا الموقف يبديه لنا رجلاً قوياً حاد الطبع قوي الشكيمة مفتول العضل. رأى ابن أبي عتيق حلق ابن عائشة مخدشاً فقال: من فعل بك هذا؟ قال فلان. فمضى فنزع ثيابه وجلس للرجل على بابه، فلما خرج اخذ بتلبيبه وجعل يضربه ضرباً شديداً والرجل يقول له: مالك تضربني؟ أي شيء صنعت؟ وهو لا يجيبه حتى بلغ منه ثم خلاه وأقبل على من حضر فقال: هذا أراد أن يكسر مزامير داود! شد على ابن عائشة فخنقه وخدش حلقه.
والآن أرجو أنني وفقت في الكشف عن شخصية جديدة في تأريخ النقد العربي، وأرجو زملائي كتاب (الرسالة) أن يعملوا على جمع شوارد هذا الرجل، وأرجو أن تتولى (الرسالة) نشر ما يأتيها عنه وما تقع عليه. فربما استطعنا أن نؤلف من هذه الشوارد حياة الرجل وحياة الناقد، لأن لنقده تأثيرا أكبر مما ذكرنا في توجيه أدب عصره. وإنما أدبنا لا يزال فقيراً إلى رجلين: المؤرخ والأديب. فليعمل المؤرخ عمله يعمل الأديب عمله أيضاً