إنه يدلف إليَّ كلص محبوب فيسرق أفكاري وأبقى أنا منتصباً كعمود من خشب، ثم لا تمر لحظات حتى أنطرح ممدداً على فراشي
وبعد أن أصغى زارا إلى هذه الأقوال يقرع الحكيم بها الأسماع تملك ضحكة وأشرق نور في جوانب نفسه فناجاه قائلا:
يترآى لي أن هذا الحكيم قد جُنّ كخواطره الأربعين.
ولكنه جد خبير بحالات الكرى. فما أسعد من يجاور هذا الحكيم! لأن مثل هذا النعاس شديد الانتقال بالعدوى حتى إلى وراء الجدران.
إن شيئاً من السحر يفوح من منبره العالي، وما يجتمع هذا العدد من الشبان عبثاً حول خطيب الفضائل.
إن قاعدة هذا الحكيم إنما هي - اسهروا لتناموا - وفي الحقيقة لو لم يكن للحياة معناها فوجب أن اختار لها حكمة لا معنى لها لما كنت أجد أفضل من هذه القاعدة.
لقد أدركت الآن ما كان يطلب الناس قبل كل شيء عندما كانوا يفتشون على أوليات الفضائل؛ إنهم كانوا يطلبون النوم الهنيء والفضائل التي يتجلىَّ على مفرقها تاج المخدرات. وما كانت الحكمة في عرف حكماء المنابر، لقد نالوا الإعجاب والثناء إلا قاعدة النوم لا تقلقه الأحلام. إنهم لم يكتشفوا معنى أفضل من هذا المعنى للحياة.
وكم في أيامنا هذه من أناس يشبهون هذا الواعظ في دعوته إلى الفضيلة غير أنهم أقلَّ إخلاصاً منه. ولكن هذا الزمان يعد زمانهم ولن يطول وقوفهم والكرى يراود أفكارهم فهم عن قريب سيُمددون.
طوبى لمن دبَّ إلى عيونهم النعاس! إنهم عما قريب سيرقدون هكذا تكلم زارا.