ما المرء أدى شهادة زور أو تلطخ بالزنا وإذا هو اشتهى خادمة قريبة فقد حرم وسائل الهناء في نومه
غير أن المرء يحتاج فوق فضائله إلى شيء آخر وهو أن يدفع إلى الرقاد بفضائله نفسها في الزمن المناسب.
إن من الفضائل من هي كالغإنيات المتجنيات، فأقم بينهن حائلا كيلا ينتهين إلى عراك تكون أنت ضحيته.
ليكن سلام بينك وبين ربك وبين الأقربين، فلا نوم هنئ بدون هذا السلام. وسالم شيطان جارك أيضاً لئلا يراودك في رقادك.
أكرم السلطة واخضع لها حتى ولو كانت هذا السلطة عرجاء. إن ذلك ما يقتضيه النوم الهنيء.
وما أنا بالجاني إذا كان يحلو للسلطة أن تسير متعارجة.
إن خير الرعاة من يقود قطيعه إلى المروج الخضراء ذلك ما يقتضيه الرقاد الهنيء)
لا أطلب كثيراً من المجد ولا وفيراً من المال وكلاهما يؤدي إلى الاضطراب، ولكنّ المرء لا ينام هنيئاً ما لم يكن له شيء من الشهرة ولديه شيء من المال.
أفضّل أن يزورني القليل من الناس على أن يرتاد مسكني عشراء السوء، وهذا العدد القليل يجب عليه ألاّ يطيل السمر عندي لئلا يعكّر صفو رقادي.
تسرني مجالسة البلهاء لأنهم يجلبون النعاس؛ ولشدّ ما يغتبطون عندما نحبذّ حماقاتهم ونشهد بإصابتهم.
على هذه الوتيرة يقضي فضلاء الناس نهارهم. أما أنا فأنني إذا ما أمسى المساء أحترس من أن أراود النعاس لأنه سيد الفضائل ولا يرتاح إلى تحرش الساهرين.
وتحت جنح الظلام أستعرض ما فكّرت فيه وما فعلته في يومي فأنطوي على نفسي كالحيوان الصبور وأسائلها عما قهرت به أميالها عشر مرات وعما عقدت به الصلح مع ذاتها عشر مرات، وعن الحقائق العشر والمسرّات العشر التي أُفعمت بها
وبينما أكون مستغرقاً تهزني الأربعون خاطرة يستولي النعاس علي فجأة، وهكذا يسودني الكرى سيد الفضائل دون أن أتوجه بدعوة إليه.