أعلى الشجرة برشاقة مدهشة؛ فصوب أحد الصيادين بندقيته إليه وأطلق النار عليه فصاح المخلوق صيحة مزعجة؛ وسقط على الأرض مضرجاً بدمه. ولما قبض الصيادون عليه وجدوه مخلوقاً عارياً وقد نما الشعر في جسمه حتى غطاه. فحملوه إلى القرية القريبة، وهنالك تبين أن هذا المخلوق كان عاملاً في إحدى المزارع، وقد فر منها منذ بضعة أعوام ولم يظهر له أثر بعد.
ولا يستطيع هذا الإنسان القرد أن يتكلم، كما أنه لا يفهم ما يقال له؛ ولكنه يصيح سروراً حينما يقدم إليه اللحم والفاكهة.
وقد أثار هذا الاكتشاف الغريب اهتماماً خاصاً في الدوائر العلمية؛ ويرى بعض الباحثين أن اكتشاف مثل هذا المخلوق يدلل بصورة حية على الصلة القوية التي توجد بين الإنسان وبين بعض أنواع القردة، وهي صلة يدلل عليها العلامة داروين في كتابه (أصول الأنواع)؛ ثم إن منظر هذا المخلوق يذكرنا بالإنسان الأول في أطوار هجميته الأولى في عصور ما قبل التأريخ.
أسرار المجتمع الألباني
ألبانيا من البلاد البلقانية القديمة، ولكنها مازالت غارقة في غمار الماضي، ولا يعرف عن حياتها الداخلية سوى القليل، وقد رأى كاتب صحفي إنكليزي معروف هو مستر برنارد نيومانعاش في ألبانيا أعواماً طويلة أن يضع كتاباً عما شهده ووقف عليه من أسرار هذه البلاد المجهولة؛ وأخرج كتابه أخيراً بعنوان (باب ألبانيا الخلفي) ويقول المؤلف إنه دخل ألبانيا من بابها الخلفي فوجدها بلاداً لا فن فيها ولا موسيقى ولا آداب، ولكنه وجد فيها شعباً يرتبط أفراده فيما بينهم بكلمة اللسان فقط. ومن المأثور في تلك البلاد أنه إذا توفى شخص فأن الناس لا يسألون عن سبب وفاته، ولكن يسألون عمن قتله؟ ذلك لأن مبدأ الثأر لا يزال يسود جميع الطبقات والأسر، ولا يهدأ بال إنسان حتى يقتل خصمه؛ وكل فرد في قبيلة يحمل بندقية. ويقول لنا المؤلف أيضاً إنه عقد عهد الأخوة الدموية مع ألباني، ووجد أن أهم آثاره ينحصر في احترام الأخوين كل لحياة صاحبه. وقد طاف مستر نيومان في جميع أرجاء ألبانيا بعجلته التي كانت مثار الدهشة، ولقي في كل مكان حفاوة ودية بالغة، واستطاع خلال طوافه وإقامته العديدة بين مختلف الطوائف والطبقات أن ينفذ إلى الروح