للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيه في المثال الذي أورده في صفحة ١٠ عن الحجاج وزياد بن عمرو العتكي؛ وأسأل الأستاذ ماذا عسى أن يكون موقف الحجاج لو أن زيادا انتقده عند الخليفة وأظهر معايبه؟ كذلك لا أشاركه رأيه في أن من أكبر عيوب نابليون شدة قسوته على النوع الإنساني. ثم إنه ذكر نابليون في صفحة ٥٠ باسم ملك فرنسا وما كان نابليون ملكاً في يوم ما؛ ثم هو يقول عن باستور إنه اعظم العلماء نفعاً للبشرية وهذا تعميم في غير محله. هذا إلى أنني لم أفهم ما يرمي إليه في الفصل التاسع، فأنه يخيل إلي انه يعتبر نقص الإنسان في الخلقة كأنه أمر مستحب لا ينبغي أن يخشى المرء منه أو يتوقاه لأنه (إن نقص الإنسان من جهة حاول أن يكمل نفسه من جهة أخرى). وما أظن هذا يقع في جميع الظروف والأحوال؛ والأستاذ نفسه يشير في أول الفصل إلى أن الشخص الناقص في الخلقة كثيراً ما يضطر إلى التكلف والتظاهر وهما من اكبر ما يهدم الشخصية. وفيما عدا هذا فالكتاب جدير بأن ينتفع به شبابنا، وهو من المؤلفات التي نشعر بأشد الحاجة إليها لنبني الجيل الجديد، ونطبع رجاله على الفضيلة، ولذلك فأني شديد الغبطة حين أقدمه إلى القراء.

- ٣ -

أتكلم بعد ذلك عن كتاب (التربية الإنكليزية) وهو كتاب آخر للأستاذ الابراشي أو هو دليل آخر على نشاطه العقلي، ويقع في نيف ومائتين وخمسين صفحة من القطع الكبير محلى بأكثر من ثلاثين شكلاً توضيحياً.

نهج الأستاذ في هذا الكتاب طريقة العرض، فموضوعه وصفياً أكثر منه نقدياً، يستطيع القارئ بمطالعته أن يلم بنظم التعليم في إنجلترا والروح التي تسير في تلك النظم. واعتقد أن الأستاذ أحسن بذلك صنعاً، فما أحوجنا في مصر إلى مقارنة نظمنا المدرسية بغيرها من النظم في البلاد الممدنة، إذ ما تزال تلك النظم عندنا مضطربة لا تكاد تتبين لها غاية، بل لا تكاد تعرف على أي أساس وضعت. نعم إن لكل أمة ظروفها ولكل أمة وجهتها، ولكن المقارنة على الرغم من ذلك خليقة بأن تكشف لنا كثيراً من عيوبنا وأن ترينا كثيراً من أوجه الصلاح، وعلى الخصوص فيما كان له مساس بالقواعد العامة للتربية والغرض منها مما لا تختلف فيه الأمم كلها اختلافا كبيراً.

تطالع في هذا الكتاب مناهج التعليم الأولي والابتدائي والثانوي في إنجلترا في المدارس

<<  <  ج:
ص:  >  >>