حكومة فاشستية في أسبانيا تعضد نفوذ إيطاليا وألمانيا في غرب البحر الأبيض المتوسط، وتحقق لهما بعض المغانم الاستعمارية في جزر البليار والكناري، وربما في مراكش الأسبانية؛ وبينا أيضاً ما يحمل الدول الديموقراطية أعني إنكلترا وفرنسا على مقاومة هذه المحاولة وإحباطها؛ وإذا كانت الدولتان الديموقراطيتان لا تعملان لمعاونة أسبانيا بصورة ظاهرة، فأنهما تعتمدان في هذه المعاونة على روسيا، وتؤيدان مساعيها في هذا السبيل؛ وهناك بالأخص نقطة تلفت النظر؛ وهي أن الأسطول الروسي الذي يحمل المؤن والذخيرة إلى حكومة مدريد يسير بعيداً عن قواعده لنجدة الجمهوريين، ويغامر بالظهور في مياه أجنبية، وقد يتعرض لاعتداء الغواصات الألمانية والإيطالية؛ ولكن لا ريب في أن روسيا لا تقدم على مثل هذه المغامرة إلا وهي معتمدة على تفاهمها مع إنكلترا، وعلى حماية الأسطول الإنكليزي وإمكان استخدام المياه الفرنسية لحماية سفنها وقت الخطر.
وقد لاح مدى لحظة أن قوات الجنرال فرانكو تكاد تكتسح كل شيء في طريقها وتستولي على مدريد بأيسر أمر؛ ولكن الحوادث تطورت بسرعة وتحطم هجوم الثوار على مدريد، وبدا التفوق في جانب الجمهوريين واضحاً، وربما كان هذا الفشل مقدمة انهيار الثورة الأسبانية، والخطط الفاشستية التي تؤيدها.
على أن هناك غير حوادث أسبانيا عدة تطورات وحوادث دولية خطيرة أخرى زادت في حرج الموقف ودقته. ذلك أن السياسة الفاشستية نشطت أخيراً إلى مضاعفة جهودها في سبيل تقوية جبهتها ضد أوربا الغربية بوجه عام، وروسيا السوفيتية بوجه خاص؛ فبعد أن عقدت ألمانيا وإيطاليا تحالفهما المعروف ضد (البلشفية)، وبعد أن اتفقتا على تقسيم أوربا الوسطى إلى منطقتي نفوذ سياسي واقتصادي، تتعاونان في استغلالهما وتوجيههما مع اختصاص ألمانيا بالعمل في تشيكوسلوفاكيا، واختصاص إيطاليا بالعمل في المجر، واشتراكهما معاً في العمل في النمسا، فاجأت ألمانيا العالم بعقدها تحالفاً مع اليابان اتخذت مكافحة البلشفية والثورة العالمية التي تعمل روسيا لإضرامها ستاراً له، وهذه الحجة الظاهرة، أعني مكافحة البلشفية هو الشعار الذي تستتر به ألمانيا في سياستها الحالية وتقرنه بالتهويل في وصف الخطر البلشفي ووجوب اتحاد أمم العالم على مقاومته وإنقاذ المدنية من شره؛ بيد أنه يظن أن الاتفاق الألماني الياباني، رغم ما نشر من نصوصه،