يبطن تحالفاً عسكرياً سرياً، ويقصد إلى غايات خطيرة أخرى تتلخص في تعاون اليابان وألمانيا على مقاومة روسيا وتهديدها في الشرق الأقصى، وفي أوربا؛ وتدعيم الخطط الاستعمارية اليابانية في الصين والشرق الأقصى، نظير تدعيم الخطط الألمانية العسكرية والاستعمارية في شرق أوربا وفي غربها إذا اقتضى الأمر؛ وبعبارة أخرى يمكن اعتبار التحالف الألماني الياباني رداً على التحالف الفرنسي الروسي الذي اعتبرته ألمانيا موجهاً ضدها.
وقد كان لعقد هذا التحالف الألماني الياباني وقع شديد في أوربا وأمريكا معاً؛ ومع ما قدمته ألمانيا واليابان من الإيضاحات لتخفيف وقع التحالف، فأن الغاية من عقده لم تخف على أحد؛ ولم تقتنع الدول الكبرى بصحة الزعم الذي اتخذ ستاراً لعقده، وهو التعاون على مكافحة البلشفية، لأن البلشفية نظام داخلي يخص روسيا وحدها، وفي وسع الدول التي تخشى من تسربه إليها أن تقاومه داخل أرضها بوسائلها الخاصة؛ ولدى ألمانيا واليابان أشد الوسائل الداخلية لمكافحة البلشفية وغيرها من الأنظمة غير المرغوب فيها؛ وترى إنكلترا وفرنسا وأمريكا في عقد هذا التحالف خطراً على مصالحها في الشرق الأقصى، لأنه يعاون اليابان في تنفيذ خطتها لاستعمار الصين الجنوبية، ويقوى مركزها في المحيط الهادي على حساب أمريكا وإنكلترا، وقد كانت هذه الدول ترى في التوازن الياباني الروسي في الشرق الأقصى نوعاً من الضمان لمصالحها، فإذا قضى على هذا التوازن، واستطاعت اليابان أن تطلق يدها في شؤون الشرق الأقصى اعتمادا على انشغال روسيا بحماية حدودها الغربية من مطامع ألمانيا، أصبح التفوق الياباني خطراً على مصالح الدول الغربية وسيادة أمريكا في المحيط الهادي.
والظاهر أن ألمانيا تحاول أن تحشد في هذه الجبهة الجديدة كل الدول التي تميل إلى التعاون معها وفي مقدمتها إيطاليا، وهي تعمل لذلك الغرض بنشاط مضاعف؛ ومن المشكوك فيه أن تستطيع ألمانيا أن تحشد في تلك الجبهة الشرقية دولاً أخرى، وإن كانت إيطاليا تميل إلى تأييدها من الوجهة المعنوية، لأن إيطاليا مع صفتها الفاشستية العميقة لا تذهب في خصومة روسيا إلى الحد الذي تذهب إليه ألمانيا، والواقع أنه إذا كانت ألمانيا قد استطاعت بتحالفها مع اليابان أن تقوي مركزها ضد روسيا السوفيتية فإنها قد أثارت بعقده