محوها، فقد أعياني أمرها مذ جئت إلى هذه الدنيا. . . وقد كنت حين بدأت أتعلم المشي بعد الحبو أتعثر بها. . .)
فقهقه اللعين ثم مد يده إليها وتناول شعرات منها وفتلها كما يفتل الحبل، وأنا صابر جامد لا أتحرك مخافة أن أرتد برأسي فتتزحزح عن موضعها أو تسقط في يده، وكنت أتبسم أيضاً لأتألفه وأخجله عسى أن يكف عن لحيتي، فأطمعه حلمي، فكف عن فتل الشعرات، وتناول منها قبضة، فاضطربت، وجذب هو، أو ارتدت أنا - لا أدري - فإذا هي في يده.؟؟
وقلت بعد أن سكتت العاصفة:(ما قولكما الآن؟؟ ألم أخدعكما؟؟) وبدأت أقلد نفسي وأقول: (هل تستطيع يا بني أن تدلني على لاظ أو غلى؟. . . لقد قطع الدخان أنفاسي، فيحسن أن أستريح هنا برهة. . . أحذر يا بني الدخان، فأنك ترى ما صنع بي. . . والآن أعترف أني كنت بارعاً. . .)
فقال اللعين:(بارع؟ أنت كنت بارعاً؟. . لقد عرفتك على بعد عشرة أمتار. . . يقول إنه كان بارعاً؟؟ وأين المغفل الذي يمكن أن تخدعه هذه اللحية السخيفة؟؟. . . وعلى فكرة. . . ألا تنوي أن تخلع الشاربين والحاجبين؟؟ فأنا أخاف أن يجتمع علينا الأطفال ويتدخل الشرطة وتسوء العاقبة بها).
فنزعتها، فما بقيت بي إليها حاجة بعد زوال اللحية، ولكني لم أستطيع أن أصدق أن يكون قد عرفني كما زعم بعد أن نكرني أهلي - وأخي على الخصوص. وقد أعياني أن أعرف الحقيقة، فسكت. . . وآليت بعد ذلك ألا أبرز الناس إلا في جلدي الذي خلقه الله لي. . . .