للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من القبح جمالاً، ومن الجمال فنَّ جمال، ومن فن الجمال عالماً من الفنون. فكم تصورون من مشاهد الكون وتبالغون في التصوير فيظن الناس أن الطبيعة هي التي أبدعت ما صنعت فنقلتم عنها الحقائق.

ثم سكتت ثم قالت: هأنت تقول عني ما ليس فيَّ فأكاد أصدق أن فيَّ ما تقول. . .

فقلت: مهٍ مه. . . يا فاتنة. . . إنك تتكبرين في تواضع، وتتواضعين في تكبر؛ والله ما رأيت مثلك غادة جميلة تنكر أنها جميلة. . . ألا إن هذا وحده يقوم دليلاً على أنك مطمئنة إلى نبوغ جمالك وعبقريته.

فرمقتني بنظرة تائهة في فرح عينيها وقالت: إنك تغزوني. . .

قلت: أرأيت القاتل يقتل ويتهم المقتول؟. . . هذه أنت تتهميني بأنني أغزوك وأنت فاتحة قلبي.

قالت: لسانك وقلمك قد تآمرا عليّ. . .

وحزن جمالها فصوَّر في حزنه أجمل معاني الحزن، وترقرقت عيناي إلا أنني أمسكت العبرة بين أجفاني فتغشى بها بصري لحظة. . . ولما نظرت بعد ذلك رأيتها مطرقة تشد منديلها بين يديها وكأنها تغالب في باطنها قوة تمردت عليها. . . وكأن وحهها يفكر، وكأن لحظها يحلم. . .

قلت: إنك تخبأين شيئاً ويريد الشيء أن يظهر

فرنت إلي بطرفها مبللاً بالحنين، فانطبقت أجفاني تتنهد، ودارت بي الأرض دورة. . . ثم فتحت عينيّ فرأيت منديلها يسقط من يدها. . .

الله أكبر!! ما هذا السحر الذي كان يشع من فتنتها وهي تنهزم؟. . . كانت ساكنة سكون ثورة، وكان قلبها ينبض فلا يحتمل بدنها الرقيق نبضه فيتموّج، وانعكس قلبي على وجنتيها فرأيتهما تلتهبان بالحب، وكانت عيناها تتألم، وكانت نظراتها تئن!!

وزفر قلبها زفرة، وزفرت عيناها زفرة أخرى، ثم قالت وهي تجاهد نظرها إلي: أتحبني؟

ثم ماذا. . . ثم ماذا أيها العشاق؟

(طنطنا)

السيد محمد زيادة

<<  <  ج:
ص:  >  >>