ووضعت الورقة على المائدة ثم تناولت المسدس، واقتربت من طفلي فيل وكان مستغرقاً في نومه فركعت بجانبه ثم طبعت على جبينه قبلة حارة وصوبت (المسدس) إلى رأسه بيد مرتعشة، ثم أغمضت عيني لأطلق النار. . .
- بحق السماء ماذا تفعلين يا سيدتي. . .؟
اضطرب (المسدس) في يدي وتلفت إلى مصدر الصوت في جزع فإذا الرجل الغريب الذي رأيته في الصباح واقفاً بالباب ينظر إلي تارة والى المسدس أخرى. . ثم تقدم أخيراً فقبض على المسدس من يدي وألقاه على المائدة، ثم تابع كلامه قائلاً - أتقدمين على قتل هذا الطفل البريء؟
- نعم أقدم على ذلك
- أمجنونة أنت؟
- كلا. . . لقد لدغتني أفعى سوداء سامة وأدركت أن الموت من نصيبي وأيقنت أن الطفل سيموت جوعاً ففضلت أن نموت سوياً
- أفعى سوداء! قالها وتقدم إلي في سرعة فرفعني من مكاني وأضجعني على المقعد ثم أخرج من جيبه سكيناً حاداً رسم بها دائرة حول أثر النابين، ثم أخذ يضغط الجرح بشدة حتى سالت الدماء وفاضت على جوانبه. . . ثم نهض مسرعاً وجذب قضيباً من الحديد كان ملقى على المائدة، ثم سأل:
- أين الموقد؟
- وراءك إلى اليمين. فأسرع إليه ووضع القضيب في النار إلى أن أحمر طرفه ثم عاد إلي قائلاً:
- يعز علي أن أفعل ما أنا مقدم عليه، ولكن هذا هو العلاج الوحيد. ولما انتهى من كي الجرح أحضر لي جرعة من الماء. ثم تبع ذلك صمت طويل قطعه أخيراً بقوله:
- لقد توسمت فيك الشجاعة هذا الصباح يا سيدتي. وقد رأيتها الآن رأي العين؛ وأظن أنك ستشعرين بألم مبرح بضعة أيام يزول بعدها كل شئ. ورانت على الغرفة فترة أخرى من الصمت ثم قال أخيراً في هدوء وتؤدة: