طفلين وهناك عشرات الأميال بيني وبين أقرب نجدة؟ وإذا قدر لي الموت فما مصير الطفلين البريئين؟ كانت قدمي تؤلمني ألماً مبرحاً ولا أعلم إن كان ذلك من السم أم من شدة الرباط؟
لم يكن أمامي ثمة شيء ينقذ حياتي وحياة الأطفال إلا أن أحاول أن أذهب معهم إلى (مري وذر). فربما أتمكن من إدراكها قبل فوات الوقت إذا تركت للجواد العنان. . . فقمت أتحامل على نفسي وعلى الحائط؛ ولكن قبل أن أدرك الباب تذكرت شيئاً آخر جعلني أكاد أسقط على الأرض. . . لقد أخذ فرانك الجواد ولسنا نملك غيره. شعرت بأن الدم يكاد يفيض من وجهي، وأنا أعود إلى المقعد في ذهول. . . أأصحب الطفلين وأمضي سائرة على الأقدام؟ ولكن هذا معناه ساعات وساعات دون أن نصل إلى وجهتنا. . . قمت ثانية لأحمل (فيل) ولكني عدت فتذكرت أن قدمي بوبي الصغيرتين لا تحتملان السير أكثر من ميل أو ميل ونصف. . . إذن سأضطر إلى حمل الطفلين في الطريق، وسأبذل من الجهد ما يجعل الدم ينشط والسم يسري فتكون النهاية المحتمة الأليمة: طفلان في القفر في يد القدر بجانب أم ميتة.
يا ألهي! ماذا أفعل وهذا الموت المحقق يسير في عروقي، وعن قريب أصير في عداد الأموات. . . ولكن الطفلان ما مصيرهما؟ الموت دون شك. . وإذا كان لابد من الموت فلم لا أسرع حتى أخلص من عذاب النفس الممض وعذاب الجسم المبرح؟. . . لم لا أسرع بالقضاء على نفسي وعلى الطفلين حتى نستريح جميعاً؟. . . خففت قليلاً من وطأة الرباط فلم تعد ترجى منه فائدة، وتناولت قلماً وورقة من المكتب ثم جلست أكتب لفرانك ظهر الاثنين:
عزيزي فرانك:
لقد لدغتني أفعى سامة كبيرة. ولم أجد لها علاجاً ناجعاً ولا يمكنني أن أعيش أكثر من بضع ساعات. أما الطفلان فلا أظنهما يلبثان على قيد الحياة إلى حين حضورك. لذلك سأفعل الأمر الوحيد الذي يمكنني أن أفعله في هذه الحالة فأريح نفسي والطفلين من العذاب الأليم. وأتمنى لك حياة طويلة سعيدة.