- لقد قضيت يا سيدتي يومين سائراً. يعلم الله أني لم أذق في خلالهما شيئاً قط. . . .
وأيقنت من نبراته أنه صادق في كلامه برغم ما داخلني فيه من شك. وقد رأيت أن من الغباء أن أدعه يعمل عندنا ونحن لا نعرف أصله، ولكني لم أعدم شيئاً من العطف على رجل لم يذق الطعام من يومين؛ فقلت له وأنا ما أزال قابضة على المسدس:
- إن ورائي على المائدة وعاء من اللبن وقطعتين من الخبز خذهما وأمض في سبيلك. . فنظر لحظة إلى المسدس قبل أن يجد في نفسه الجراءة الكافية على الدخول، ثم جمع أشتات نفسه ودخل وحمل الطعام ثم خرج متمتماً بكلمات الشكر.
ومضيت في عملي فنسيت ذلك الحادث. وكانت الشمس قد ارتفعت في السماء. فجلست مع بوبي لنتناول الفطور في هدوء وصمت. وفجأة تذكرت أنني لم أجمع بيض الدجاج هذا الصباح، وكانت عادتي أن أجمعه في الصباح الباكر قبل أن تعبث به زواحف القفر. فلما بلغت آخر مجاثم الدجاج طرق سمعي فحيح حاد صادر من الحطب الهشيم الملقى على جوانب المجثم، فعرفت الصوت لساعته وإن كنت لم أسمعه في هذه الجهة من قبل، فهلع قلبي وأسرعت بالعودة، إلا أنني لم أكد أدير وجهي حتى شعرت باللدغة في قدمي اليمنى.
لقد كانت عضة أفعى سوداء كبيرة. وقد جمدت في مكاني لمجرد ذكراها قبل أن تلمحها عيناي المضطربتان وهي تزحف بين الهشيم وأخيراً بلغت المنزل أجر قدمي ورائي وأنا ألهث من التعب، ومزقت الحذاء سريعاً فبدا أثر النابين عميقاً ظاهراً، وكنت أجهل تماماً ما سأفعل وأنا على قاب قوسين من الموت. . . فجعلت أجهد ذاكرتي حتى أصل إلى ما قاله لي فرانك عن علاج مثل هذه الحالة. وأخيراً وجدت ضالتي المنشودة. لقد قال لي: يجب أن تربط الرجل من فوق اللدغة بقليل حتى لا يسري السم مع الدماء، ثم تعالج الإصابة (ببرمنجانات البوتاس). . . وسرعان ما مزقت قطعة من القماش من غطاء المائدة وربطت بها الرجل من فوق اللدغة بقليل ثم قمت أبحث عن الدواء
ولكني تذكرت فجأة أنه لم يبق عندنا منه شيء، فقد استنفذته عن آخره في تطبيب الدجاج في الربيع الماضي ونسيت أن أطلب من فرانك أن يشتري بدله.
عدت إلى المقعد في ذهول وأغمضت عيني وجعلت أفكر وأفكر ولكن دون جدوى. . . . كل ذلك والسم آخذ طريقه في قدمي حتى تصلبت عضلاتها. . . . ماذا افعل وأنا وحيدة مع