كانت دهشتي عندما أبصرت من بعيد شبحاً سائراً على قدميه يقترب رويداً رويداً من المزرعة؛ وقد عجبت من ذلك أشد العجب، فهذه أول مرة أرى فيها شخصاً يجوب هذي السهول المترامية سيراً على الأقدام. أسرعت إلى المنزل ووقفت في النافذة وأنا أفكر فيمن يكون ذلك الشخص وما مأربه؟ أهو صاحب مزرعة من اللواتي حولنا يطلب مساعدة؟ ولكن هذا لا يمكن، فكل منهم يملك جواداً على الأقل إن لم يكن يملك مركبة. إذن فهذا الرجل غريب عن الناحية.
ولكن لماذا يأتي الغريب إلى هنا؟ ربما ضل الطريق وأخطأ الجهة التي يقصدها! ولكنه لا يمكن أن يصل إلى هذه الجهة المنفردة دون أن يدرك أنه أخطأ الطريق. . . كل هذه الأفكار كانت تساورني وأنا واقفة في النافذة أرقب الرجل وهو يقترب:
- ترى ماذا يفعل ذلك الرجل لو علم أني وحيدة في ذلك المنزل؟ وماذا يفعل لو عرف شيئاً عن النقود؟
وأخيراً قلت لنفسي:(حسن. ما دام فرانك أخذ دوره وعمل بجد حتى حصل على هذه النقود، يجب أن أخذ دوري في الدفاع عنها) وأسرعت إلى (مسدسي) وكان محشواً، وأيقظت الأطفال حتى لا يزعجهم إطلاق النار. وكان الرجل قد وقف على بعد خمسين خطوة من المنزل يقلب الطرف في الحديقة والدار؛ وبدا لي وجهه مخيفاً مرعباً وملابسه قديمة رثة. على أنه لم يدهشني قط عندما أخرج مسدسه من جيبه ومشى صوب الباب لأني كنت أتوقع ذلك بين لحظة وأخرى. . . . انتظرت حتى أصبح على بعد خطوات من الباب ثم دفعت الباب بقدمي فأصبحت أمامه وجهاً لوجه.
- مكانك وإلا لهبت رأسك!
فوقف الرجل مبهوتاً، ثم أردفت على عجل:
- والآن ماذا تريد؟
- سيدتي! ما أنا إلا رجل فقير جائع؛ أريد قطعة من الخبز أسد بها رمقي، أو أي عمل عندكم أعيش منه. . . ثم تابع كلامه وقد رأى الشك في عيني:
- أنني أمين يا سيدتي؛ لا تسيئي بي الظن
- شكراً لك! إن زوجي قد قام بكل الأعمال، وليس لدي ما أعطيك إياه