إحساس، فجاءت الثانية إلى عين التلميذ ففقأتها. والى أذنه فاصمتها. والى إحساسه فأماتته. حتى أنه ليسير في طريقه على أعين الناس وأفئدتهم، وبين أنينهم وعويلهم ثم تسأله: ماذا رأيت أو سمعت؟ فلا يكاد يذكر لك شيئاً. ذلك لأن مدرسته أخذته بالانقطاع عن كل شيء مهما صادفه. وهو يرجو أن يكون عندها محمودا.
تخيلت الأولى في موظفها حينذاك أن يكون غمرا خاملا جبانا، يرى في رئيسه ما يراه الجهلاء في آلهتها. فجاءت الثانية بحولها وطولها تفرغ فيه كل هذه، إفراغا، مرة باسم الأخلاق! وأخرى بالقهر والعسف. حتى تم لها ما أرادت، وأمتعت تلك الحكومات بهذا النوع من الموظفين. والآن وقد غصت الدواوين بالموظفين وفاض المتخرجون في المدارس، حتى أصبحوا عيالاً على ذويهم. وكلاّ على أهليهم إلا القليل منهم ممن اشتغل بعمل ما كان يخطر له على بال. فهل آن لرجال التربية والتعليم أن يعلنوا انقضاء أجل ذلك الغرض. وينادوا بالغرض الصحيح الذي يقّوم الأخلاق والعقول والأجسام ليأخذ الأبناء قسطهم من الحياة كاملا، ويؤدوا ما عليهم لبلادهم أحسن أداء؟؟ ذلك ما ننتظره.