شهرته في أي ميدان آخر. ولا يزال الأمير الدرزي شكيب أرسلان نزيل أوربا منذ سنوات، يشغل المقام الأول. واستأنفت المدرسة الصحفية السورية تقاليدها في مصر، بفضل يعقوب صروف (١٨٥٢ - ١٩٢٥) صاحب المقتطف، وسليمان البستاني (١٨٥٦ - ١٩٢٥) الرحالة النابه، ومترجم الإلياذة، وقد كتب عن تركيا مؤلفاً جاء فيه بأحسن الأوصاف عن حالة العرب الاجتماعية قبل الحرب العظمى. وللأسلوب العلمي الفلسفي الذي امتاز به البستاني نقيضه فيما كتبه ولي الدين يكن (١٨٧٣ - ١٩٢١) من مقالات ورسائل، وقصائد
كان ولي الدين من أشد أنصار التقرب من الأتراك والعرب، فراح يصنف بعبارات تلتهب حمية وحماسة، وفي صور مؤثرة أيام أسره في إستامبول في عهد السلطان عبد الحميد، وما شاهده من المفارقات الاجتماعية في تركيا
وامتاز مصطفى لطفي المنفلوطي - وهو أصغر تلاميذ الشيخ عبده سناً - بما بذله من الجهود الموفقة لابتكار أسلوب جديد شائق، ويمكننا أن نقول إنه نجح نجاحاً كبيراً عن جدارة واستحقاق. أما البحث فيما إذا كانت المؤلفات العديدة التي نقلها بتصرف عن أصلها الأوربي قد أفادت القراء من حيث فهمها على حقيقتها، فهذا موضوع بحث آخر
وأظهرت المدرسة السورية ميلاً خاصاً إلى الرسائل والشعر المنثور. ويعتبر أمين الريحاني مبتكر هذين النوعين، وهو كاتب معروف، حائز حسن التقدير. وكان أول من رفع فن الرسائل والشعر المنثور إلى المكانة الأولى وضمن لهما شهرة ذائعة، وقد ظل مخلصاً لفنه، كما هو واضح في مؤلفاته الأخيرة. ومثله جبران خليل جبران، فانه تفرغ إلى هذين النوعين، بل إن جل مؤلفاته دواوين من الشعر المنثور أو رسائل تحوم حول نظرية خاصة أو فكرة مركزية. ثم سارت المدرسة السورية المتأمركة في طريق التنويع (مثال ذلك: ميخائيل نعيمة) لكن الأفضلية ظلت للرسائل والشعر المنثور. وهذه الرسائل، مع اختلاف مضمونها، تعد أهم مميزات المدرسة الحديثة، وإن كانت في مصر توجه عناية واهتماماً خاصاً إلى مسائل تاريخ الأدب، والفلسفة، والاجتماع
ومن الأمور الغريبة الجديرة بالملاحظة أن كتب رواد هذه المدرسة (كمنصور فهمي والعقاد وهيكل والمازني وسلامة موسى) إن هي إلا مقالات سبق أن نشرت على صفحات