اللوفر مدى قرنين قلب فرنسا النابض، وأحيانا قلب أوربا بأسرها شأنه في عهد لويس الرابع عشر
وقد كان قصر فرساي يكمل حياة اللوفر؛ وكان في أواخر عهد الملوكية الفرنسية ملاذها ومستقرها: هذا جناح لويس الرابع عشر الفخم، وهذه غرفة نومه، وهذا بهو عمله ومتزينه، وهذا جناح الملك الخليع لويس الخامس عشر قد أثث بأثاث ما يزال إلى اليوم نموذجا فنياً رائعاً؛ أجل وهذا جناح خليلاته دوباردي ودي بومبادور الخ على مقربة من جناح زوجه الشرعية، ماري لكزنسكا، وهذه أبهاء الحفلات الباذخة التي كان ينفق عليها بغير حساب، وكانت تثقل كاهل الشعب المسكين؛ وأخيراً ها هو ذا (بهو المرايا) الشهير الذي عقد فيه مؤتمر الصلح في سنة ١٩١٩ وأملت فيه فرنسا وحلفاؤها الظافرون إرادتهم على ألمانيا المنهزمة ووقعت فيه ألمانيا وثيقة انكسارها وذلتها
في هذه الربوع والمواطن الصامتة التي تغدو اليوم آثاراً يحج إليها السائح كان يكتب تاريخ فرنسا وتاريخ أوربا
على أن الأحداث والذكريات التاريخية الرائعة لم تجتمع قدر اجتماعها في صرحين عظيمين، هما قصر الفاتيكان في رومة، وقصر الدوجات في البندقية (فينزيا) فأما الفاتيكان فهو بلا ريب أجل آثار النصرانية وأعظمها؛ وفي الفاتيكان الذي غدا علماً على البابوية والكرسي الرسولي، تتمثل عظمة البابوية، وبذخ البابوات، وكل ما في عصر الأحياء من عبقرية وجمال وافتنان؛ وليس الفاتيكان قصراً تستطيع أن تحيط برؤيته التجوال فيها والتمتع بروائعها أياماً عديدة. وقد نشأ الفاتيكان في أواخر القرن الرابع عشر قصراً متواضعاً إلى جانب كنيسة القديس بطرس، وغدا من ذلك التاريخ مركز الكرسي الرسولي، ثم تعاقب عدة من البابوات على إنشائه وزخرفته، فأقاموا إلى جانب القصر القديم قصوراً وأجنحة جديدة بلغت أعظم مبلغ من الفخامة والبهاء، نخص بالذكر منها مصلى سكستوس الرابع المسمى كابيلاسستنا، والذي خلف ميشيل آنجلو فوق جدرانه من ريشته آيات خالدات، وجناح آل بورجيا الذي أنشأهإسكندرالسادس، وأفاض عليه أبدع ما تمخض عنه الأحياء من بذخ وزخرف وبهاء؛ وجناح جوليوس الثاني (لوجي)، وهو الذي زينه رافائيل بآيات باهرات من فنه وريشته؛ ولبث البابوات يزيدون في صروح الفاتيكان وفي زخرفته