منظور، وابن قتيبة، وابن بسام، وابن ظفر، وأبي حيان، والزمخشري، والجاحظ في حيوانه، وما إليها، وكتب الطبقات والتراجم، أمثال معجم الأدباء لياقوت، وتاريخ الإسلام للذهبي، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ومن على شاكلتهم - أود أن تعلم يا سيدي أن حكمة إصدارنا لهذه المؤلفات هو أنا نرى في إحياء هذه الكتب، وبعثها إلى النشور والظهور، اللبنة الأولى في بناء صرح الموسوعة العربية، التي يحتاج إليها الناطقون بالضاد، والتمهيد الذي لا محيص عنه، إذا ما رغبنا رغبة عملية حقة في الاتجاه العلمي والعملي معا، في وضع دائرة معارف عربية شرقية، مستندة على أصول تاريخية صحيحة، وقائمة على أسس عملية حقة)
ثم أود أن تعلم يا سيدي الصديق الكريم أن وزارة معارفنا قد أحسنت صنعاً وأصلحت أمرا، حينما أخذت على عاتقها إنْشارَ الأدب، وإحياء لغة العرب، وبعث تواليف السلف الصالح، والأخذ بناصرنا في إصدار أمهات كتبنا الأدبية، ومظاننا التاريخية، ومراجعنا اللغوية. ولتعلم - غفر الله لي ولك - أنها قررت أن تفتح الباب على مصراعيه لكل أديب عالم، أو أستاذ مثقف، أو ناشر همام، يتقدم لها برغبته في المعونة برجالاتها وأئمتها لمراجعة ما يصدر، والإشراف على ما يطبع، رغبة في خدمة الثقافة، وحرصاً على الأمانة العلمية المرجوة. ثم أود أن تعلم يا سيدي أن تسعة أعشار ما يطبع الآن، وما يروج في السوق، ليس من آثارك النافعة، ولا من منتجات من هم في مكانتك وثقافتك، بل هو مع الأسف الشديد من الروايات المبتذلة، وقصص البوليسيات والإجراميات، وأن المصلحة كل المصلحة في محاولتنا جميعاً تغيير الاتجاه، وخلق الذوق الأدبي الجديد
ثم أود أن تعلم - غير معلم طبعاً - أيها الأستاذ الجليل أن ضبط الأعلام، ومراجعة الأعلام، وشرح المبهم، والتذبيل على ما فات المؤلف والناشر - كل هذا ليس بالسهل الميسور، ولا بالعمل الضئيل، الخليق بالسخرية والتهانف. وحاشاك أن تجنح - وأنت المؤدب خلقاً ولفظاً، ومعنى ومبنى - إلى ما لم يعهد فيك طوال حياتك. وأود أن تعلم أيها الصديق الأديب أننا كلنا، في أعمالنا الأدبية والثقافية والعلمية، لم ندرج بعد من مهدنا، وأننا في بداية البداية، وأن لغتنا العربية بحاجة إلى الضبط الكامل، والشكل الكامل، والأيْد الكامل، والتآزر الكامل، وأنني أومن بحاجتي إلى توالي نصحك، ومطرد إرشادك، ومتتابع