للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والظرف، والمكان، والزمان. وما زلت أذكر ما تذكره جيداً من محاضرة أستاذنا المرحوم الشيخ محمد المهدي، حينما حدثنا عن الصاحب بن عباد، وما عزاه إليه صاحب الأمتاع، في معرض الذم والهجاء، من ميله إلى أن يقال عنه: (أصاب سيدنا، وصدق مولانا، - ولله دره - ما رأينا مثله، مَن ابن عبد كان مضافاً إليه؟ ومن ابن ثوابة نقيسه عليه؟ ومن إبراهيم بن العباس الصولي؟ ومن صريع الغواني؟ ومن أشجع السلمي؟ إذا سلكا طريقهما، قد استدرك مولانا على الخليل في العروض، وعلى أبي عمرو بن العلاء في اللغة، وعلى أبي يوسف في القضاء، وعلى الإسكافي في الموازنة، وعلى ابن نوبخت في الآراء والديانات، وعلى ابن مجاهد في القراءات، وعلى ابن جرير في التفسير، وعلى أرسطاطاليس في المنطق، وعلى الكندي في الجدل، وعلي ابن سيرين في العبارة، وعلي أبي العيناء في البديهة، وعلي ابن أبي خالد في الخط، وعلي الجاحظ في الحيوان، وعلي سهل بن هرون في الفقر، وعلي يوحنا في الطب، وعلي ابن يزيد في الفردوس، وعلي عيسى بن كعب في الرواية، وعلي الواقدي في الحفظ، وعلي النجار في البدل، وعلي ابن ثوابة في التقفية، وعلي السري السقطي في الخطرات والوساوس، وعلي مزيد في النوادر، وعلي أبي الحسن العروضي في استخراج المعمى، وعلي بني برمك في الجود، وعلي ذي الرياستين في التدبير، وعلي سطيح في الكهانة، وعلي أبي المحياة خالد بن سنان في دعواه.) وما عزاه إليه آخر في معرض المديح والثناء، في باب مكارم الأخلاق: (إنه استدعي يوماً شراباً من شراب السكر، فجيء بقدح منه، فلما أراد شربه قال له بعض خواصه: لا تشربه فانه مسموم. فقال له: وما الشاهد على صحة ذلك؟ قال: بأن تجربه على من أعطاكه. قال لا أستجيز ذلك ولا أستحله. قال فجربه على دجاجة. قال: إن التمثيل بالحيوان لا يجوز. وأمر بصب ما في القدح، وقال للغلام: انصرف عني، ولا تدخل داري بعدها، وأقر رزقه عليه. وقال: لا تدفع اليقين بالشك؛ والعقوبة بقطع الرزق نذالة). فلعلك ترى ما أراه من أن للكاتب الواحد أحزاباً لامتداحه، وأخرى لاستهجانه والزراية عليه؛ وأن وجهات النظر تختلف، بل معايير الحقائق تتباين على قدر غلبة النسبية فيها. ولعلك ذاكر قصة العميان السبعة مع فيلهم الموصوف؛ ولله في خلقه شؤون

وأخيراً أود أن تعلم يا سيدي أنني شاكر لك حقا كل فضل في إصلاح خطئنا في المعجم

<<  <  ج:
ص:  >  >>