للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سوء، ولكنه عض كارول وعض (س. ص) ونِعْم الخنزيرين الغينيين كانا في هذا التجريب فأصابتهما الحمى، وكاد قلب كارول أن يقف، وتماثل الاثنان للشفاء؛ وكان كارول مغتبطاً يكتب إلى رئيسه ريد وينتظر اليوم الذي يعود فيه ليطلعه على سجل التجارب زاهياً فخورا

ولم يشكّ في هذه التجارب أحدٌ إلا لازار، فداخله في هاتين الإصابتين شيء من الريبة، لأنه كان مجرِّباً متقناً دقيقاً حذِراً في تجريبه؛ وكان يرى أنه إذا قام بتجربة وجب عليه أن يتحكّم في ظروفها ويضبطها غاية الضبط حتى لا يتسرب إليها الخطأ، شأنَ البحّاثة القح. حدَّث لازار نفسه قال: (ليس من الكرم التشكك في أمر هاتين التجربتين بعد ما أبدى فيهما كارول و (س. ص) من التضحية والجرأة ما أبديا، ولكن كلا الرجلين تعرض للإصابة قبل التجربة وذهبا حيث توجد الحمى مرة أو مرتين قبل أن يصابا بها فعلا، فليست التجربة بالغة حدَّ الكمال، فمن يدريني أن بعوضي لا غيره هو الذي أعطاهم الحمى)

تشكك لازار، ولكن ما تشكُّكُ جندي أول واجبه إطاعة الأمر؟ وإذنْ فقد أخذ يجري على عادته فيذهب عصر كل يوم إلى أسرّة المرضى في تلك الحجرات ذات الرائحة الغريبة الضعيفة المعهودة، وإذنْ فقد استمر يقْلب زجاجات اختباره بما فيها من البعوض على أذرع رجال حمر الوجوه محمومين، ويجعل البعوض يمتص من دمائهم حتى يرتوي. وجاء اليوم الثالث عشر من سبتمبر، فكان يوماً على لازار مشؤوما، إذ بينما هو يأذن للبعوض في الزجاج أن يشرب من دم المرضى، حطت من الجو على ظاهر كفه بعوضة تائهة، فتركها تشرب من دمه وقال: (دعها تشرب فما أظنها من البعوض الذي يسيء)، قال ذلك عن بعوضة تائهة طائرة طليقة في عنبر به الرجال تموت!

كان هذا في اليوم الثالث عشر من سبتمبر

و (في مساء اليوم الثامن عشر من سبتمبر. . . شكى الدكتور لازار سوء المزاج، وجاءته رِعدة في الساعة الثامنة مساء). هكذا ذكر سجل المستشفى

واستمر السجل يذكر في إيجاز:

(١٩ سبتمبر: الساعة ١٢ ظهرً، الحرارة ٣٩. ١ ? درجة. النبض ١١٢. بالعين احتقان وبالوجه ارتشاح)

<<  <  ج:
ص:  >  >>