للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيمهر فتزف إليه عرسه، ويشاء إدوارد الثامن أن يتزوج فتهز القوانين رأسها نفياً، ويطل شبح التقاليد بأذنيه، وتحول الحوائل، وتعترض العقبات، وتنطبق الزرقاء على الغبراء!

أليس عجيباً حقاً أن تتقيد حرية الملك فيما هو أمس الأشياء بشخصه إلى هذا الحد، وأن الذي يقيد حرية الملك إلى هذا الحد هو الدستور الذي يكفل جميع الحريات! الدستور الذي يحرر الأديان، ما باله يقيد العواطف؟ الدستور الذي يحرر اليد واللسان، ما باله يحول بين المرء وقلبه؟ ما باله يمنع الملك أن يتزوج زواجاً شرعياً، يقره الإنجيل، ويباركه يسوع! ما هذا الدستور الذي يبيح للرعية ما لا يبيح للراعي، ويمنع الملك ما يمنح المملوك، والذي يجلس الملوك على العروش آلات صماء تتحرك بالكهرباء؛ لا تأمر ولكن تأتمر، ولا تصدر الأحكام ولكن تتلقى الأحكام؟ أهكذا تنقلب الأوضاع وتنعكس الحقائق في القرن العشرين؟

لقد كان خليقاً بهذه الأزمة أن تستحكم حلقاتها في كل قرن إلا في القرن العشرين، وفي كل مكان إلا في أوربا؛ أوربا التي حملت لواء الديموقراطية وطافت تبشر بها في أنحاء الكرة الأرضية، ما بالها تنغمس اليوم في الأرستقراطية إلى الآذان، وتأبى الاعتراف (بمسز سمبسون) لأن الدم الملكي لا يجري في عروقها؟ أكان يجري الدم الملكي في عروق نابليون يوم سمحت له أوربا أن يكون إمبراطوراً يعبث بخريطتها كما يعبث الأولاد بالألواح، ويصرف ملوكها كما تصرف قطع الشطرنج؟ أحرام على (مسز سمبسون) أن تتبوأ عرش إنجلترا، كما تبوأت (جوزفين) عشر فرنسا من قبل، ولاسيما في هذا الزمان الذي أصبح فيه كل عامل في منجم وزيراً، وكل بائع صحف دكتاتوراً؟

وماذا يفعل الملك ببنات الملوك إذا كان قلبه عند غيرهن؟ وما ضر (مسز سمبسون) ألا تكون بنت ملك متوج، أو أخت ملك متوج، ما دامت هي ملكة متوجة على عرش الجمال؟. . . وكيف لا تتبوأ مع قرينها عرش الحكم كما تبوأت عرش القلوب، دولة بدولة، وسلطان بسلطان؟ فلماذا لا يقال: إنهما كفؤان؟ هبوها ليست عذراء، هبوها ذات زوجين من الأحياء، أليست فاتنة حسناء؟ إن الجمال يقتل كل غيرة، ويغطي على كل اعتبار، وهل نضيرها ببكارتها الذاهبة، ما دامت فتنتها باقية، ووجهها لم يفقد نضرته، وعينها لم تفقد سحرها. الحسناء عذراء وإن بدلت كل يوم بعلاً، بكر وإن أعقبت كل يوم نسلاً؛ ولن تزال

<<  <  ج:
ص:  >  >>