طول السهر، ومناجاة القمر؛ ولقد كان يذرف عاشقهم عبرة، فيلونها بالخمرة، ويشكو من تقرح جفنيه، ويجعل الدمع خلقة عينيه، ثم يعاف الماء القراح، ويشرب الدمع بالأقداح! كم أنشأ عاشقهم المعلقات الطوال، في والإيثار، وأنه ابتعد عن أهله، وفارقهم من أجله
وحاربت أهلي في هواك وإنَهم ... وإياي لولا حبك الماء والخمر
فيا ليت شعري، ماذا يقول ذلك العاشق الذي لم يسل الحب نومه من عينيه، ولم يرق دمعة على وجنتيه، وإنما أفقده عرشاً يمتد ظله على ربع الكرة الأرضية؟
لا تباه امرأة بعد اليوم بما بذل في صداقها من فضة ونضار، ومنقول وعقار. إنهما امرأتان، مهر كل منهما عرش وإيوان! كليوباطره في التاريخ القديم، (ومسز سمبسون) في هذا الزمان. فما أحرى كلا من إدوارد الثامن ومارك إنطوان أن يترنم بقول أمير الشعراء:
من يكن في الحب ضحى بالكرى
أو بمسفوح من الدمع جرى
نحن قربنا له ملك الثرى
أعود فأقول: أيها الملك النازل عن عرشه، هون عليك. لا أقول لك: ابك مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه، لقد كسبت امرأة، ولم تخسر شيئاً، فانعم بالاً، وقر عيناً
ولعمري إن إمبراطور الحبشة لأولى منك بالدمع مقلة. لقد كان إمبراطوراً طيلة حياته، ولم تكنه في يوم من أيام حياتك. وماذا تجديك إمبراطورية واسعة لا تحتكم فيها على موضع قدميك؟ شتان بين من يحكم شعبه ومن لا يحكم قلبه! فعزاء له عن ملكه الزائل، وهنيئاً لك حريتك المستردة، وقلبك الحر الطليق.