وكان لمسز جراندي سلطان مخيف على الأدباء، وكانوا جميعاً يخشون بأسها، ولذا كانت أفكارهم سجينة في زخارف من الكلام الأجوف الموشى الذي يعجب اللغويين ويهزأ به الأدباء المصلحون. وماكولي دليل على ذلك، فأسلوبه المرقص المطرب لا يكاد يدانيه أسلوب آخر في موسيقاه، ولكنه بأفكاره يعيش كما تعيش العناكب في الأركان والزوايا، وكما تسعى الخفافيش في ظلام الليل. وجون رسكن كذلك، وهو رجل أنيق العبارة رشيق الأسلوب، ومع ذلك أراد أن يضحي تقدم إنجلترا ورقيها الآلي ما دام هذا الرقي في رأيه ينافي الفن الصحيح. ولقد ثار على مسز جراندي أديبان عظيمان هما لورد بيرون وبرسي شللي فكان أولهما يجاهر بآرائه الكفرية، ويغيظها فيشرب الخمر في جمجمة ميت، ويترخص في الحب وينظم دون جوان. وكان الثاني يحتقرها في عظمة ووقار وينظم مأساة سنسي ويفلسف في الحب، ولكن مسز جراندي هي الأخرى لم تأبه بهما، بل هي قد لفظتهما من إنجلترا إلى اليونان وإيطاليا ولذلك لم يشعر بهما أحد إلا بعد أن مرضت هذه السيدة المحتشمة وأوشكت أن تموت
والذي يهمنا من هذه الكلمة عن مسز جراندي أن الشريعة الإسلامية أكبر أعدائها، ومع ذلك فسلطان مسز جراندي في مصر أقوى منه بكثير في إنجلترا، فهل يتأذن الله أن تموت؟!