للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

٩ - اشتد حضرة الكاتب في حملته على تعليقنا الذي رأينا جوازه في معنى كلمة (الشمال) بصفحة ١٨١ عند قول الشاعر:

تمتع بالرقاد على (شمال) ... فسوف يطول نومك باليمين

فقد قال الشارح (يجوز) أن تكون (شمال) جمع شملة وهي كساء يشتمل به. . . ثم أتى بحديث علي رضي الله عنه الخ فقال حضرة الناقد الأديب - بعد أن نقل العبار مقتضبة: (وهذا كله شرح فاسد) فان المراد بالشمال مقابل اليمين، إذ المعنى: تمتع بالنوم على جنبك الشمال في الحياة قبل أن يستمر نومك باليمين.

ولا زلنا مصرين جد الإصرار على أن هذا المعنى جائز - وان لم يكن متيقنا - بل أن سياق الحديث ربما رجح هذا المعنى. قال المقري: ويحث على انتهاز فرصة اللقاء إذ هي غنيمة، ويذكر بقول من قال - وأكف الدهر موقظة ومنيمة: تمتع بالرقاد على شمال الخ. فالشاعر يحض على انتهاز الفرصة وانتهاب المسرة، ويحرض المرء أن يختلس غفلات الدهر إذا نامت عيونه عنه فيتمتع من يحب بالنوم على هذه الشمال التي تجمع الشمل وتلم الشتات يلتف المتحابان بها إذا لفهما الليل بشملته قبل أن يودع كلاهما بطن الثرى فلا يكون فراش وثير ولا مضجع ممهد، وإنما يوسد في القبر يمينه، ويجعل عمله لا حبيبه قرينه. ومن لفظ (الشملة) اشتقت العرب معنى الشمل واجتماعه، والجمع والتئامه

وأنا لنعجب جد العجب من وضع حضرة الكاتب علامتي التعجب والاستفهام بعد قولنا (وفي حديث علي!؟) فليس في العبارة ما يتعجب منه ولا فيها منكر يستفهم عنه. فما أحوج علامتيه هاتين إلى بضع علامات التعجب والاستفهام

قال الناقد الأديب في شرح زجر الطير (وهذا فضول في الشرح ومثله في الكتاب كثير) وهاتان دعويان يصعب على حضرته تأييدهما، فان ما يراه حضرة الناقد فضولاً قد يراه غيره لازماً؛ والضعيف أمير الكرب. وهل على الشارح من حرج أو ضير وهو يشرح بيتاً يقول: إذ زجرنا للوصل أيمن طير، أن يبين أن زجر الطير كان عادة جاهلية أبطلها الإسلام (وإن لم يرد الشاعر هنا حقيقة معناها البدوي). وأي فضول في هذا البيان الذي استدعته المناسبة وجر إليه الحديث وهو ذو شجون؟

قال حضرته: وفي صفحة ٢٠٣ قرأت قول ابن الخياط:

<<  <  ج:
ص:  >  >>