ثم هنالك الدول الغربية وعلى رأسها إنكلترا، وهي تعلق أهمية خاصة على سير الحوادث في الشرق الأقصى؛ وهنالك أمريكا، وهي تخشى ازدياد النفوذ الياباني في الصين وفي المحيط الهادئ. ومن الواضح أن بريطانيا العظمى، والدول الأخرى التي تسيطر على أملاك عظيمة في الشرق الأقصى مثل فرنسا وهولنده، يهمها كبح التوغل الياباني ومقاومته، لأنه يزداد كل يوم خطراً على أملاكها ومصالحها؛ والسياسة البريطانية تميل بلا ريب إلى تأييد كل حركة تؤدي إلى تحقيق هذه الغاية؛ بيد أنها لا تميل في نفس الوقت إلى نهوض الشيوعية وتقدمها في الصين، لأنها تعتبرها خطراً عظيما على أملاكها ونفوذها؛ وهي ألان في موقف انتظار وتريث واستعداد للطوارئ؛ وأما أمريكا فهي تسير في ذلك على سياسة مستقلة، وكل ما يهمها هو الاحتفاظ بنفوذها وسيادتها في المحيط الهادئ، وهي تعتقد أنها تستطيع تحقيق هذه الغاية بالتفاهم مع اليابان وعقد اتفاق يصون مصالح الفريقين
هذا وقد صح ما توقعناه من أن حكومة نانكين لن تخضع لوعيد الزعيم الثائر، وإن الثورة لن يرجى لها النجاح المنشود؛ فقد وردت الأنباء الأخيرة بأن المارشال تشانج هسويه ليانج قد أذعن للإنذار الذي وجهته إليه الحكومة المركزية، واستمع لنصح زملائه حكام الولايات المجاورة، وأفرج عن الماريشال تشانج كايشك؛ وقد عاد الماريشال إلى نانكين عود الظافر في مظاهرات حماسية، واعتذر الزعيم الثائر على فعلته؛ ولم تعرف شروط التسوية بعد؛ ولكن الظاهر أن تشانج هسويه ليانج سيغادر الصين مدى حين، وان الحكومة ستمنحه معاشاً حسنا، وانه تعهد بعدم التدخل في الشؤون العامة العسكرية أو السياسية
على أنه يبقى لنا أن نتساءل، هل انتهت الفتنة وأخمدت نهائياً، أم أنه يخشى أن تكون بذورها قد تمكنت في القوات المتمردة، وإن الشيوعية المحلية لا تزال تغذيها؟ هذا ما لا يتضح الآن: بيد أنه يمكن القول أن حكومة نانكين ستنشط إلى محاربة الشيوعية والقضاء عليها، لأنها تخشى منها على نفوذها واستقرارها. ولا ريب أيضاً أن الحكومة الوطنية ستعنى بأمر هذا التطور العميق في شعور الشعب الصيني واتجاهه إلى وجوب الوقوف في وجه اليابان ووضع حد لمطامعها؛ وربما اضطر الماريشال تشانج كايشك غير بعيد إلى أن يتخذ سياسة اشد حزماً إزاء المطامع اليابانية، إذا وجد في مثل هذا الشعور ما يكفي لتوحيد الصفوف، وشد أزر السياسة الوطنية المتطرفة التي يجب اتباعها يومئذ وتدعيمها بقوة