للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فإذا أردنا أن ندرس التصوف على انه تزكية للروح وتنقية له من الشوائب فأن هذا حسن، ولكن من الخطأ أن يكون الإنسان سلبيا بحتا، فأن الحياة قوامها العمل والكتب السماوية كلها تحث على العمل والمثابرة والاجتهاد في سبيل العيش بينا نرى التصوف بمعناه الدقيق يدعو إلى الزهد المطلق والانكسار في جهة ضيقة للتعبد والتقشف، وهذا ما في رأينا إخلاص إلى حد الجنون بالفكرة والتعصب لها، فأننا لنرى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وهو روح الحب والحنان والتسامح قد حمل مصباح الهدى ومشعل الحق وجاهد في سبيل الله بلسانه ويده حتى عمت دعوته، لقد كان النبي الكريم يشتغل بالتجارة ولكن ذلك لم يصرفه عن استخلاص نفسه والتوجه نحو الخالق بالعبادة والصلاة دون أن يعتكف في مكان ضيق من الأرض.

وإننا لنرى العلماء اليوم وخاصة من تشربوا بالثقافة السلافية، يدعون الناس مخلصين إلى تطهير نفوسهم وعدم الانغماس في ملذات المدنية تنزيها لجوهر الروح عن الفساد وخوفا على البشرية من الانزلاق في مهاوي الشهوات والترف كما ذهبت في الماضي بعض المدنيات العريقة طعمة لجنون الشهوات والطمع والفساد الاجتماعي.

محمود عزت موسى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>