اليدين تتعانقان ولا تتصافحان؛ ثم تركناهما نائمتين إحداهما على الأخرى، وسكتنا هنيهة وقد خيل إلينا إذا تكلمنا استيقظت يدانا
أما صافحتك امرأة تحبها وتحبك؟ أما أحسست بيدها وقد نامت في يدك ولو لحظة؟ أما رأيت بعينيك نعاس يدها وهو ينتقل إلى عينيه فإذا هما فاترتان ذابلتان، وتحت أجفانهما حلم قصير؟
قلت: يا صديقي دع الفلسفة؛ ثم كان ماذا بعد أن نامت يد على يد؟
قال: ثم كانت سخرية من الشيطان اقبح سخرية قط
قلت: حسبي لكأنك شرحت لي ما بقى. . .
فضحك طويلا وقال: أن الشيطان يسخر الآن منك أيضاً، وكأني به يقول لك: وكان ما كان مما لست اذكره. . . أفتدري ما الذي كان وما بقية الخبر
لقد كنت مولعاً بامتحان قوتي في الضغط بيدي على أعواد منصوبة من الحديد، أو على أيدي الرجال الأقوياء إذا سلمت عليهم؛ فلما صافحني لبثت مدة من الزمن ثم شددت على يدها قليلاً قليلاً، فتنبهت في هذه العادة؛ فمسخت الحلم وانصرف وهمي إلى أقبح صورة وأشنعها وأبعدها مما أنا فيه من الحب ولذات الحب؛ فإذا بازائي وجه، وجه من؟ وجه مصارع ألماني كنت اعرفه من عشرين سنة واضغط على يده. . .
قلت: إنما هذه كبرياؤك أو عفتك تنبهت في تلك الشدة من يدك، ولا يزال أمرك عجيبا؛ فهل معك أنت ملائكة ومع الناس شياطين؟
قال: والذي هو اعجب أني رأيت في أضعاف أحلامي كأن قلبي المسكين يخاصمني وأخاصمه؛ وقد خرج من أحناء الضلوع كأنه مخلوق من الظل يرى ولا يرى إذ لا شكل له؛ وسبني وسببته، وقلت له وقال لي، وتغالطنا كأننا عدوان؛ فهو يرى أني امنعه لذته، وأرى انه هو يمنعني، وانه أشقى بي على ما أشقى؛ قلت له فيما قلت: لا قرار على جنايتك فاذهب عني ولا تتسم باسمي فانه لا فلان لك بعد اليوم؛ ولولا انك مخذول في الحب لعلمت أن لمسة يد الرجل ليد المرأة الجميلة نوع مخفف من التقبيل، فإذا هي تركته يرتفع في الدم انتهى يوماً إلى تقبيل فمه لفمها، ولولا انك مخذول في الحب لعلمت أن هذا الضم بين اليدين نوع مخفف من العناق، فإذا هي تركته يشتد في الدم انتهى يوماً إلى ضم